كتب
: محمد المصري
التقييم :
5/5
بطولة :
آديل إكزاركوبولوس ، ليا سيدو
إخراج :
عبد اللطيف كشيش (2013)
طوال ثلاث ساعات
يستغرقها هذا الفيلم ، لم يحدث إلا في مرات نادرة أن يستخدم مخرجه عبداللطيف
كُشيش غير اللقطات القريبة Close-Up Shots لوجوه ممثليه ، لاحظت
منذ البداية أنه ، و في الكثير من المشاهد ، لا يوجد حتى لقطة تعريفية بالمكان ،
والغاية من ذلك واضحة ، هذا ليس فيلم زَمَن أو مَكان أو حدث ، و بالتالي ليس المهم
هو الزمن أو المكان أو الحدث ، هذا فيلم عن "أديل"، و"أديل" فقط هي من
نذهب إليها هُنا.
من الصعب الحِياد في
الحقيقة ، لأيامٍ بعد المُشاهدة ظللتُ أخبر كل من أراه كم كان هذا الفيلم جميلاً ،
وأنني مَفتوناً ، ثم أعدت مُشاهدته من جديد ، ولم يتغيَّر شيء ، كل ما في فيلم
"عبداللطيف كُشيش" حُلو جداً.
الحكاية ، كما هي
مَعروفة ، عن العلاقة بين فتاتين ، ولكن في الجوهر ، الفيلم عن "أديل" تحديداً ،
المراهقة الصغيرة التي تتعرَّف على نفسها وعلى العالم في سنين مُراهقتها ، وما من
شيءٍ مميز في حكاية كهذه ، و لكن البطل الحقيقي لكل شيء هو "كُشيش"، و"التجربة" التي قرر
صناعتها ، و سَعيه المُخلص لأن يجعل كل ما يحدث حياً جداً و صادقاً جداً، لم
أتفاجئ بعد انتهاء المُشاهدة من معرفة أنه جعل بطلتي الفيلم تقرآن السيناريو مرة
واحدة فقط قبل أن يُصبح كل شيء بعد ذلك مُرتجلاً ، و أنه صور 800 ساعة كاملة عبر
ستة أشهر ليُخرج منها بثلاث ساعات في النهاية ، و أن التصوير تم بتراتبية زمنية
لكل فترة من فترات العمل ، و أن بطلة الفيلم كانت تسمى في البداية "كلمنتين" قبل أن يجد
نفسه يستخدم الكثير من حياة الممثلة "آديل
آكزاركوبولوس" و يضمن فيلمه للقطات حقيقية لها في المترو أو أثناء تناولها
للطعام أو سرحانها في فترات الراحة من التصوير ، فقرر تغيير اسم الشخصية و البطلة
لأن التداخُل بين ما هو حقيقي و ما هو مُصَوَّر صار مُدهشاً.
تلك الطريقة ، و هذا
القدر الطَموح من المُعايشة ، سمحا له أيضاً بقيادة "آديل" و"ليا
سيدوكس" لاثنين من أفضل الأداءات النسائية التي شاهدتها في حياتي فعلاً
، و لا أجد في الأمر أي مُبالغة ، في فيلم بناه مخرجه على وُشوش ممثلتيه و جعل 90%
من لقطاته مُقرَّبة لَهُن ، أنتَ بحاجة فعلاً لأداءاتٍ كتلك ، و إعادة المُشاهدة
المتكررة لمشهد "الانفصال" ثم مشهد "المَطعم" يعطيان صورة
واضحة لأي أداءات حُققت في هذا الفيلم ، و ليس غريباً بالمرَّة أن تكسر إدارة مهرجان
"كان" القاعدة المتعارف عليها في منح السعفة
الذهبية للمخرج ، و يكون خطاب الفوز مُتضمناً "كُشيش" و"آديل" و"ليا" .
فيلم "كُشيش" هو فيلم عظيم
عن حياةٍ عادية ، مُراهقة تَكبر ، علاقة تبدأ وتنتهي ، مدرسة وعائلة وعمل ، ما من
الشيء الاسثتنائي ، و لكن كل شيء مَعمول بالكثير من النُّضج و الرقة و الأتوان
المَظبوطة لكل لحظة تَمُرّ .
الثاني على قائمة
أفلامي المُفضلة لعام 2013 ، و أعتقد أنه سيبقى بذاكرتي كثيراً.
0 التعليقات :
إرسال تعليق