كتبت : فاطمة توفيق
التقييم : 3/5
بطولة : باربي شرودير ، بيرتران تافيرنييه ، ميشيل جيراردو
إخراج : إيريك رومير (1963)
فتاة مخبز مونكو ، بدايات الموجة الفرنسية الجديدة ، و أول فيلم من سلسلة الستة أفلام الـ Moraux لرومير ، والكلمة هنا لا تعني ترجمتها اللفظية عن الفرنسية و هي "الأخلاقية"، حيث أن الفيلم لا يحتوي على أية مواعظ أو دروس معينة نتعلمها منه ، وإنما يهتم الفيلم - والخمسة أفلام التالية له - بتحليل البطل لأفعاله ونظرته لها ، نظرته لنفسه ولمبرراته ، فكما يقول رومير "لم أصنع فيلماً يحكي سلسلة من الأحداث ، وإنما أحداث يقوم بها البطل ، يختارها بنفسه ، يرتبها ، و يحللها ، وليس عليّ أن أقدم حلاً نهائياً لها."
كما يقول رومير أنه اختار كلمة "الأخلاقية" لوصف
هذه السلسلة من الأفلام لأنها لا تحتوي على أفعال أو أحداث مادية أو جسدية ، و إنما
كلها عبارة عن تحليلات وافكار يقوم بها البطل / الراوي في خاطره.
و قد استوحى رومير فكرة الستة أفلام من فيلم عام 1927 Sunrise: A Song of Two Humans فعلى شخصية الراوي في كل فيلم أن يختار بين امرأتين كما في فيلم سنة 1927.
في الفيلم هنا نجد طالب الحقوق الذي يقضي فترة دراسته في فرنسا و يعجب بفتاة جميلة تمر في طريقه كل يوم ، و يختلق الصدف حتى يتحدث معها ، و بعد أن يجد فرصة لتحديد لقاء معها تختفي من الظهور ، فيدور هو في الشوارع التي كان يلتقيها فيها بحثاً عنها و لكن لا جدوى ، في ذلك الوقت يتعرف على فتاة المخبز الذي أصبح يشتري منه يومياً أثناء بحثه عن فتاته ، و يلاحظ اعجاب فتاة المخبز به ومع الوقت ينسى الفتاة الأولى ، و في اليوم الذي سيأخذ فتاة المخبز للعشاء سوياً يلتقي الفتاة الأولى ، فمن سيختار ، الأولى التي استولت على عقله في السابق أم الثانية التي حدد معها موعداً؟.
في الفيلم هنا ، وعلى الرغم من قصر مدته - 24 دقيقة – و بساطته الظاهرة إلا أنه يمكنك أن تلاحظ العديد من الأشياء ، أهمها الطريقة التي يحلل بها الراوي أفكاره ، و كيف عرض رومير ذلك بشكل متناهي في البساطة و متناهي في التعقيد في آن واحد كما يحدث في النفس البشرية ، و ذلك في تداخل متقن مع دواخل النفس البشرية التي تظهر في الفيلم ، فبين الأفعال غير المبررة والأفعال المتهورة و بين مظهر طالب الحقوق المحترم الجاد ، و نشاهد ذلك بطريقة طبيعية غير مفتعلة تماماً - قد لا تلحظها - تعبر عن الكثير من التناقض بين الظاهر والخافي من شخصية الانسان ، و أيضاً يظهر مدى تحكم الاحساس بالذنب في الشخص و تصرفاته ، هل سيراعي الشاب الفتاة الصغيرة التي أعجبت به و يضحي بإعجابه القديم لفتاة لا تعرفه ؟ ، هل سترضى الفتاة الأولى بالخروج معه بعد معرفة كل ما فعل هو للبحث عنها ، و كيف تتطور الأمور و تتغير حياة انسان فقط نتيجة لإحساسه بالذنب أو نتيجةً لتجاهله لذلك الإحساس.
كما يظهر في الفيلم أيضاً حب رومير لمدينته باريس ، فالإعتماد الأساسي فيما يحدث كان على الأماكن و الشوارع و معالمها من خلال لقطات عديدة جميلة تلتقط بشكل عادي تفاصيل صغيرة يكمن فيها جمال باريس ، بطريقة تناسب شخصاً يقيم في باريس و يحبها كرومير.
0 التعليقات :
إرسال تعليق