كتب
: مصطفى فلاح
التقييم :
4.5/5
بطولة :
فيليب سيمور هوفمان ، كاثرين كينر
إخراج :
بينيت ميلر (2005)
بيروغرافيا الحدث ،
بدم بارد !
، عملاً بمشورة ترومان كابوتي لحاملة البولتزر نيل
هاربر لي عن كتابها الوحيد To
Kill a Mockingbird عندما قال :"يجب
أن تعرف ماذا تريد من البداية إلى النهاية قبل أن تكتب" , أصبت بشلل
جزئي في تلحين هذا اللوح المصفوف ! ، فالفكرة التي يقوم عليها السيناريو مستوحاة
(كالعادة) من تلك الجزئية التي تناقش نزول ذاك الكاتب المرموق من محيطه النخبوي
الى حُجرات السجون في سعيه الوسواسي لإستطلاع جريمة قتل و مُرتكبيها في كانساس خاتمة العقد
الخمسيني المُنصرم .
عُرف عن كابوتي , بالرغم من حياة
الرخاء التي كان ينتهجها , بكونه أحد المُدافعين عن الوسط الذي ينتمي إليه
المُهمشين في محاولاته للأنتقام من ذاك الزمن المُذل البئيس ، فكابوتي صندوق مغلق من
الأسرار و الخبايا , و لولا عمل الرائع فيليب
سيمور هوفمان كمفتاح لبعض ألغاز هذا السر الكبير , لتُهنا في هذا البحر السايكولوجي
الدائخ بصورة الرجل الذي تتصل ملامحه الخارجية بشروخه الداخلية ، بخط مستقيم !
يبدو أن علاقة مُبتدع
Breakfast at Tiffany’s طويلة الأمد مع أحد
هؤلاء المُتهمين , هيّمنت عليه بشكل كامل و شكلت تساؤلات لكل من يحيطه حول ما إذا
كان أهتمام الأول بالجريمة نابعاً من موقفٍ أخلاقي و ضمير صاحٍ أو من إحتمال أن
تشكل هذه السابقة الإجرامية مادةً لروايةٍ ثوريةٍ في عالم الأدب ! ، و هذا من
حسنات السيناريست في عمله الأول , ملأ الفلم بالغموض المُربك و الصفات المُتناقضة
التي جعلت (كابوتي) المتباهي في بدء العمل يصل الى (ترومان) الإنسان المُنكسر
الهش و هو يخط أطروحته الأدبية عن من وصفه كال (شقيقه الذي نشأ معه
في نفس البيت , غير أنه أختار الخروج من الباب الخلفي بدلاً من الأمامي الذي
أصطفاه هو) .
كما يقول كابوتي : "كل
فن يقوم على تفاصيل منتقاة , إما متخيلة و إما تقطيراً للواقع" , و هنا لا
يسعني القول إلا أن كل عوامل الفيلم أنصبت في جعله مزيجاً من الإثنين ! ، حملٌ
ثقيل لا يستدركه إلا أداءٌ مثاليٌ خالٍ من العيوب , وصل فيه الراحل هوفمان حد الكمال السينمائي
ليغزو فيها النقابات و الروابط الأكاديمية في تقليده لقب (الأفضل) الذي أنتظره مطولاً.
0 التعليقات :
إرسال تعليق