الخميس، 20 مارس 2014

The Free Will

كتب : فراس محمد

التقييم : 4/5

بطولة : سابين توموتو ، آندريه هينيكه
إخراج : ماتياس غلاسنر (2006)

فيلم يجمع بطله ما بين صفات شخصية Oslo, August 31st للمخرج الدنماركي خواكيم ترير وشخصية Shame للمخرج ستيف ماكوين كفيلم مبني على دراسة شخصيته بالدرجة الأولى , ولكن ثيو يختلف عن بطل اوسلو بأنه يملك رغبة حقيقية في الاندماج بالمجتمع من جديد بعد خروجه من السجن , ولديه الرغبة في أن يعيش حياته خارج سجنه الذاتي , ويختلف عن براندون بطل ماكوين الذي اتخذ ادمانه شكلاً منظماً وتحول لأسلوب حياة ممنهج له قواعده بينما هنا اتخذ شكلاً عنفياً واجرامياً غريزياً كان السبب في احتجازه لتسع سنين نتيجة اغتصابه لثلاث نساء .

مخرج العمل وضع هذه الشخصية على مشرحته وصورها بالشكل الذي يجعل من الاكبال التي تقيدها حاجزاً بينها وبين أن تمتلك ارادةً حرة يكون بنتيجتها انساناً طبيعياً , رصد مدى هشاشتها وتهلهلها للدرجة الذي انعكس فيه على أداء بطله فكان فعلاً اداءاً مميزاً , استغل كل تفصيل من تفاصيل حياته اليومية بعد خروجه من السجن ليربطها بهوسه المزدوج , هوسه الذي تسبب في دخوله السجن وهوسه في عدم العودة له , لكن السجن الذي تحدث عنه الفيلم يتجاوز المعنى التقليدي , يتحدث عن حواجز داخلية حالت بينه وبين انسانيته , سجن الرغبة الذي بدأ شيئاً فشيئاً خاضعاً له وفي بعض الاحيان بشكل متواطئ , والفيلم كان يقدم لشخصيته أكثر من فرصة لتجد طريقها نحو تحرير ارادتها , وكان ذلك من خلال استدعاء شخصية نيتي , الفتاة التي لديها ماضي جعلها تعد للعشرة قبل ان تمنح ثقتها لرجل , حتى لوالدها , ورغم ان الفيلم كان قد ركز اهتمامه نحو شخصية ثيو وابتعد عن أغلب ما يعكر صفو تحليلها ودراستها , إلا ان المخرج ماتياس غلاسنر اتبع اسلوباً ذكياً في رسم ملامح الشخصية التي يمكن اعتبارها مفتاح بطله , وذلك من خلال مشهد واحد يمكن اعتباره افضل مشاهد الفيلم , ومن دون ان يحل غموض هذه الشخصية جعلها مفهومة وقادرة على ان تكون ركناً مهماً في الفيلم - مشهد التدرب على القتال للدفاع عن النفس - ومن دون ان يتحمل الفيلم عبء العودة لأصل هذه الشخصية وفك عقدها ليزاوجها مع الحبكة , بهذا المشهد اصبحت قادرة و بإقناع برأيي على أن نرى الفيلم من خلال عينيها و أن نرى ثيو تحديداً .

ما يميز الفيلم إلى جانب تأنيه في دراسة شخصيته , ورصد ردود فعلها , أنه حاول قدر الامكان أن يكون منطقياً في تناول شخصية لا تعبأ للمنطق , تحركها غريزتها و إدمانها نحو الجسد , في إيصال صوت الحوار الداخلي لشخص فاقد تماماً لمعنى الحب , كل ما يملكه هو جسده واحساسه الداخلي ان هذا الجسد اصبح عبئاً , وأن المنعطفات التي سلكها جعلته يتدرج بين حالة إدمانٍ واخرى , والفيلم اعطاه حتى المساحة ليجرب احاسيسه الطبيعية من خلال علاقة طبيعية مع نيتي , ولكن ما يشعر تجاه الجسد من ادمان تحول لتملك واستحواذ , الفيلم استطاع ان يعبّر على هذه المنعطفات بشكل جعلها اقرب لأن تكون هذه الشخصية حية لا تصطنع او تناور ,, إلى ان اعطى في الختام زاوية الرؤية لشخصيته الثانوية التي كانت شاهدة , على اللحظة الوحيدة التي كانت فيها ارادة ثيو حرة , كما عنوان الفيلم .

من ناحية اخرى , لم يعبأ كثيراً هذا الفيلم بأثر المشاهد العنيفة القاسية التي قدمها للمُشاهد , واعتقد كما في فيلم Shame , لا يمكن تقبل الفيلم بدونها رغم قسوتها وما تتحلى به من مباشرة وغريزة حيوانية , وهذا ما سبب شعوراً حقيقياً في الفيلم بأن هذا الشخص غارقٌ تماماً في زنزانته , بنفس التكثيف الذي رصد فيه شعوره بالرغبة في الخروج منه , هذا بالتأكيد واحد من أفضل افلام السجن الذاتي والاكبال الداخلية لشخصية تعاني من الادمان ومن عدم القدرة على الانخراط في المجتمع .


0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter