كتب : محمد المصري
التقييم : 4.5/5
بطولة : جوزيف غوردون ليفيت ، بروس
ويليس ، إيميلي بلونت
إخراج : رايان جونسون (2012)
في المُشاهدة الأولى
قدَّرت هذا العمل كثيراً ، اعتبرته أفضل إنتاجات الخيال العِلمي في السنواتِ
العشرة الأخيرة – تحديداً منذ فيلم Minority Report عام 2002 – و واحد من أهم أفلام (الأكشن) بشكل عام ،
ورغم ذلك فإن المُشاهدة الثانية قد حَمَلَت تقديراً من نوعٍ مُختلف ، أعمق وأبقى ،
ولم تحمل المشاهدات اللاحقة إلا تأكيداً لكل شيء .
ريان جونسون يُحاول في فيلمه الثالث اكتشاف ماهيَّة الزَّمن ،
حقيقة الدوائر التي تَتَكرر دون أن تُغلق بشكلٍ حقيقي ، يَسرد حكاية The Loopers الذين يعملون ضمن عصابة مُستقبلية لقتلِ الأشخاص ، وينتهي عملهم حين
يَقتلون ما سيكونون عليه بعد ثلاثين عاماً كي (يُغْلِقوا الحلقة) ،
ومع هروب جو الكبير - يقوم بدوره (بروس ويلس) - يُصبح
على جو الصغير (جوزيف جوردن ليفيت) أن (يُواجه نَفسه) وقتل
صورته المستقبلية من أجل الحفاظ على حياته في الحاضر ، قبل أن ينتهي إلى خياراتٍ هي عَكْس كُل ما بدأ
.
ما قدرته في المشاهدة الأولى كان الحَبكة المَعَمُولة جيداً وهَيبة فيلم خيال علمي جيد الصُّنع في وقت صار فيه نَدرة في الخيال ، في المشاهدة الثانية كان ما قدَّرته فعلاً هو عُمقه الحقيقي : الزَّمَن ، الماضي الذي لا يُبارحنا ويحدد اختياراتنا طوال الوقت ، (جو) الذي عاشَ حياته كلها غاضباً بسبب أمه التي تركته صَغيراً لينتهي مع تلك العصابة ، وحين جاءه (الخيار) - ورغم أنانيته الظاهرة طوال الأحداث - فإنه مَنَح فرصة جديدة لـ(سيد) كصورةٍ صُغرى من نفسِه ، ومَنَح حياةً لزوجة مُستقبلية لَن يرها مُطلقاً ، (رأى الماضي كدوائر تدور وتدور) ولذلك فقد أغلقها .
السبب الآخر في التقدير الشديد للفيلم هي التناقضات الأخلاقية التي يَضَع فيها أبطاله ، ويضعنا نحنُ بالضرورة : الزوج المُخلص الذي يتحوّل إلى قاتِل ، المُدمن الأناني الذي يُضحي بحياته لغايةٍ أكبر ، الطَّفل الذي يستحق فُرصة حقيقية ليكون شيئاً غير صانع مَطَر ، والأم التي تُحاول (إغلاق دائرتها) والتكفير عما ارتكبته ، من النادر فعلاً أن يحمل فيلم خيال عِلمي مثل هذا العُمق في بناءِ مَنطقه الأخلاقي ويُجبرنا على الوقوف أمام مشروعية (الوسيلة) مهما كان سُمُوّ (الغاية) ليلعب طوال الوقت على انتماءنا إلى أحدِ الجانبين .
هذا الفيلم سَيعيش طويلاً ، وسيتحوَّل لاحقاً إلى واحد من كلاسيكيات سينما الخيال العلمي ، حتى لو رآه البعض الآن (أخف) من ذلك .
0 التعليقات :
إرسال تعليق