كتب
: أحمد أبو السعود
التقييم :
5/5
بطولة :
جوزيف غوردون ليفيت ، زوي ديشانل
إخراج :
مارك ويب (2009)
أحد الأمور العظيمة في
كل الرومانسيات الخالدة على اختلاف معالجاتها و أشكالها أنها وقفت عند الحب كشعور غير
قابل للتفسير و لم يحاول صناعها تفسيره أو قولبته في إطار معين ، بل كان التماهي و
الاستسلام له ، 500
Days Of Summer لم يحاول في المقابل أن يفسر
لماذا أحب توم سمر منذ أن وقعت عيناه عليها أو لماذا تركت سمر نفسها و هي الغير مؤمنة
بالحب أصلاً لتعيش التجربة مع توم و ما أن تؤمن الحب فهي تحب شخص آخر بمجرد وقوع عينيها
عليه ، في التعليق الصوتي العظيم فى بداية الفيلم يخبرنا أن الفيلم قصة لشاب قابل فتاة
و لكننا - الجمهور - يجب أن نعلم أنها ليست قصة حب !
روعة السيناريو أنه أولاً
يُحرر قصص الحب من كل الأطر التي عرفتها السينما و هي : بطل و بطلة و قصب حب ! و يرسم
إطاراً فى غاية التميز لفلسفة الحب نفسه من خلال شخصيات عادية قد تكون أنت كمشاهد واحداً
منها ، لا يميزها أي شيء بطولي و لا أي رتوش حياتية مميزة ، و ثانياً أنه من خلال الإطار
الجديد الذى قدمه ينقل لك تجربة فريدة من نوعها لمعايشة فعل الحب نفسه ؛ الشرارة التى
تنطلق في البداية ، الرغبة في اكتشاف الآخر ، تكيف كل طرف مع حياة الطرف الآخر ، التفاصيل
الحياتية التقليدية المشحونة بالتوتر و الغيرة و العاطفة ، ثم و الأهم النظرة التي
ينظر فيها كل طرف للحب و طريقة معايشة كل طرف لفعل الحب نفسه ، ثالثاً يقدم قالب سردي
فى غاية التميز حيث الانتقال بكل حيوية بين 500 يوم تتبدل فيها الفصول و تتغير فيها
المشاعر بطريقة تخدم فعل المعايشة نفسه حيث يبدأ الفيلم بمشهد يعطيك انطباع معين يهيئك
جيداً للحالة التي سيضعك فيها ثم يُعاد نفس المشهد ثانية فى النهاية لكن بعد أن اختمرت
القصة نفسها و نضجت التجربة ككل للطرفين على حد سواء ليتبدل الانطباع و بتأثير جميل
على النفس .
يتفهم المخرج جيداً طبيعة
السيناريو و الطريقة التي كُتب بها و يقدم قالباً بصرياً و موسيقياً في منتهى التميز
و الارتباط بمضمون السيناريو ، حيث أولاً يقدم خطاً لونياً يغلب عليه اللون الأزرق
بدرجاته ، تختلف باختلاف طبيعة المشهد نفسه ، على سبيل المثال المشهد الاستعراضي ستجد
درجات الأزرق كلها موجودة في هذا المشهد ؛ في ملابس المجاميع ، في الإضاءة حتى في الرسوم
الكارتونية التي يضيفها المخرج على المشهد ، سَمر نفسها يجعل منها المخرج
بورتريه ألوان يرسم فيه القصة و التغيرات التي تحدث فيها ، ثانياً يعلب المخرج بالصورة
كثيراً دون أي تشتيت أو اضطراب فى سير الأحداث ، و لعل مشهد التوقعات و الحقيقة هو
خير مثال على ذلك مع خاتمة للمشهد يتحول فيه الكادر الى صفحة في كتاب رسوم ، و ثالثاً
يوظف الأغاني بطريقة عظيمة : مشهد التوقعات و الحقيقة ، المشهد الذى يتذكر فيه توم
اللحظات الغير سعيدة بينه و بين سَمر ، مشهد القطار عندما قابلها
بعد اختفاءها .
يتركك الفيلم في حال صاعدة
نازلة بين تقلبات الحب و أحواله ، بين كشف أوقاته و معايشة لحظاته و همّ بين التعلق
بحب قد انتهى و بين المضى قدماً نحو حياة قد نجد فيها ما نبحث عنه ، و هو يفعل ذلك
بأكثر الطرق إبهاجاً و حيوية على الإطلاق .
في الواقع لم أحب الفيلم كثيرًا حينما شاهدته رغم تحمسي لمشاهدته منذ فترة طويلة
ردحذفولكن بعد قرائتي لهذا المقال تغيرت وجهة نظري قليلاً وأصبحت أنظر لهذا العمل من زاوية أخرى جديدة...
شكرًا لكم :)