الأربعاء، 26 مارس 2014

The Descent

كتب : عماد العذري

التقييم : 4/5

بطولة : شونا مكدونالد ، ناتالي ميندوزا
إخراج : نيل مارشال (2005)

بعيداً عن الحيادية التامة التي أحاول التشبث بها في كتاباتي تجاه الأصناف السينمائية ، إلا أن أفلام الرعب تبقى أبعد الأفلام (نسبياً) عني ، لا علاقة للأمر بالبرجوازية السينمائية التي أمقتها بشدة ، و إنما هو نابعٌ من كم الإستغلال التجاري الصارخ الذي تعرّض له هذا الصنف و جعل من مشاهدة فيلم رعبٍ جيد شيئاً نادراً فعلاً ، The Conjuring فعلها معي العام الماضي ، و قبله بثمانية أعوام فعلها The Descent .

فيلم نيل مارشال الثاني يحكي قصة مجموعة من الصديقات يقررن القيام برحلة إستكشافية لأحد الكهوف القريبة كمحاولة لإخراج إحداهن من جو العزلة الذي أحاطت به نفسها عقب حادث سيارة مروع , تسير الأمور على ما يرام في بداية الأمر بدافع من روح المغامرة و حب الإستكشاف قبل أن تتطور الأحداث عندما يجدن أنفسهن فجأة في كهف غير موجود على الخارطة ودون أي معرفة بالخطر القادم الذي ينتظرهن : سكان الكهف الذين يتغذون على الدماء .

عندما يحتار المرء في تفسير تأثير المخرج على النص يمكن له ببساطة أن يشاهد The Descent , نيل مارشال يستحق التقدير , يقود فتياته في رحلة مظلمة للغاية نحو (المجهول) مدفوعين برغبة عارمة في (إستكشاف) ذلك المجهول سرعان ما تتقدّم نحو (الخوف) منه قبل أن تتحول إلى رحلةٍ مضنيةٍ لـ (الخلاص) منه , وهو هنا لا يكتفي بستٍ صديقات فقط تدور حولهما الحكاية , بل يقود كل مشاهديه معهم ليستكشفوا ذلك الكهف , ويواجهوا الضغوط ذاتها التي تواجه بطلاته , عبر عمل ٍيستحق التقدير فعلاً على التصوير و الإضاءة , خالقاً توتراً عجيباً وفريداً و إحساساً مشوشاً بين الأمل و إنعدامه من خلال إنتقال متطرف بين (ترقب الآتي) و (الصدمات المرعبة و الشنيعة للغاية) التي ينثرها من حين لآخر في شراسةٍ تجعله فيلماً مفضلاً جداً لهواة (تعذيب النفس) , ليلامس غرضه الأساسي في تحقيق فيلم رعب مميز عن الخوف الإنساني : منابعه الأزلية و الطريقة التي يتطور بها و يضرب بها بعنف حتى يستحوذ و يحتل الصورة بأكملها .

نيل مارشال يدرك جيداً أن أفلاماً كهذه لا تعتمد كثيراً على جودة النص الذي كتب لها أو على حرفية الحوار المستخدم أو جودة الأداءات المقدمة , هذا فيلم يحتاج فقط لخلق شعورٍ صافٍ و خالصٍ لدى المشاهد بالمعاناة التي يمر بها أبطاله , بالخوف الذي يملأهم و يطل من عيونهم , و يبقى معهم محافظاً على توترهم طوال مدة عرضه , أذكى ما يفعله نيل مارشال هنا أنه يدرك جيداً أن فيلمه يقوم على الكثير من الكليشيه ، و هو لا يتذاكى على ذلك أو يلتف عليه و إنما يمزج ذلك الكم من الكليشيه ببراعة ليحقق خليطاً مدروس بعناية من (رعب المسوخ) و (رعب الأماكن الضيقة) مع إخلاص واضح ولا تخطئه العين لروح رائعتي سكوت و بورمان  Alien و Deliverance مختبراً في ذلك التجربة التي نقرر في يومٍ من الأيام الإقدام عليها دون أن ندرك على الإطلاق بأننا لن نعود منها ، كما كنا ، برأيي الشخصي : هذا هو أفضل أفلام الرعب خلال 13 عاماً من عمر الألفية الجديدة .

0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter