كتب : عماد العذري
التقييم : 4/5
بطولة : شونا مكدونالد ، ناتالي ميندوزا
إخراج : نيل مارشال (2005)
بعيداً عن الحيادية
التامة التي أحاول التشبث بها في كتاباتي تجاه الأصناف السينمائية ، إلا أن أفلام الرعب
تبقى أبعد الأفلام (نسبياً) عني ، لا علاقة للأمر بالبرجوازية السينمائية
التي أمقتها بشدة ، و إنما هو نابعٌ من كم الإستغلال التجاري الصارخ الذي تعرّض له
هذا الصنف و جعل من مشاهدة فيلم رعبٍ جيد شيئاً نادراً فعلاً ، The Conjuring فعلها معي العام الماضي ، و قبله بثمانية أعوام فعلها The Descent
.
فيلم نيل مارشال
الثاني يحكي قصة مجموعة من الصديقات يقررن القيام برحلة إستكشافية لأحد الكهوف
القريبة كمحاولة لإخراج إحداهن من جو العزلة الذي أحاطت به نفسها عقب حادث سيارة
مروع , تسير الأمور على ما يرام في بداية الأمر بدافع من روح المغامرة و حب
الإستكشاف قبل أن تتطور الأحداث عندما يجدن أنفسهن فجأة في كهف غير موجود على
الخارطة ودون أي معرفة بالخطر القادم الذي ينتظرهن : سكان الكهف الذين يتغذون على
الدماء .
عندما يحتار المرء في
تفسير تأثير المخرج على النص يمكن له ببساطة أن يشاهد The Descent , نيل مارشال
يستحق التقدير , يقود فتياته في رحلة مظلمة للغاية نحو (المجهول) مدفوعين برغبة عارمة
في (إستكشاف)
ذلك المجهول سرعان ما تتقدّم نحو (الخوف) منه قبل أن تتحول إلى رحلةٍ مضنيةٍ لـ (الخلاص)
منه , وهو هنا لا يكتفي بستٍ صديقات فقط تدور حولهما الحكاية , بل يقود كل مشاهديه
معهم ليستكشفوا ذلك الكهف , ويواجهوا الضغوط ذاتها التي تواجه بطلاته , عبر عمل ٍيستحق التقدير فعلاً على التصوير و الإضاءة , خالقاً توتراً عجيباً وفريداً و
إحساساً مشوشاً بين الأمل و إنعدامه من خلال إنتقال متطرف بين (ترقب الآتي)
و (الصدمات
المرعبة و
الشنيعة للغاية) التي ينثرها من حين لآخر في شراسةٍ تجعله فيلماً مفضلاً
جداً لهواة (تعذيب النفس) , ليلامس غرضه الأساسي في تحقيق فيلم رعب مميز عن الخوف الإنساني : منابعه
الأزلية و الطريقة التي يتطور بها و يضرب بها بعنف حتى يستحوذ و يحتل الصورة
بأكملها .
نيل مارشال
يدرك جيداً أن أفلاماً كهذه لا تعتمد كثيراً على جودة النص الذي كتب لها أو على
حرفية الحوار المستخدم أو جودة الأداءات المقدمة , هذا فيلم يحتاج فقط لخلق شعورٍ
صافٍ و خالصٍ لدى المشاهد بالمعاناة التي يمر بها أبطاله , بالخوف الذي يملأهم و
يطل من عيونهم , و يبقى معهم محافظاً على توترهم طوال مدة عرضه , أذكى ما يفعله نيل مارشال هنا أنه يدرك جيداً أن فيلمه يقوم على الكثير من
الكليشيه ، و هو لا يتذاكى على ذلك أو يلتف عليه و إنما يمزج ذلك الكم من الكليشيه
ببراعة ليحقق خليطاً مدروس بعناية من (رعب المسوخ) و (رعب الأماكن الضيقة) مع إخلاص
واضح ولا تخطئه العين لروح رائعتي سكوت و بورمان Alien و Deliverance مختبراً في ذلك التجربة التي نقرر في يومٍ من الأيام الإقدام عليها دون أن ندرك على الإطلاق بأننا لن
نعود منها ، كما كنا ، برأيي الشخصي : هذا هو أفضل أفلام الرعب خلال 13 عاماً من
عمر الألفية الجديدة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق