الثلاثاء، 25 مارس 2014

Gravity

كتب : محمد السجيني

التقييم : 4.5/5

بطولة : ساندرا بولوك ، جورج كلوني
إخراج : ألفونسو كوارون (2013)

الفيلم الأخير لألفونسو كوارون يبدَأ بايقاع سريع ، وبلقطَة واحدة افتتاحيّة دون قطع ، نري فيها مات كوالسكي رائد الفضاء المُخضرم ومعه الخبيرة ريان ستون غير العالمة بأمور الفضاء وغير المتأقلمة عليه ، يأتيهم خبر انفجار مكوك روسي وتطير اليهم الشظايا ، تتحطّم مركبتهم بالكَامل ، وتطير ريان بعيدَة ، وتبدأ محاولات الانقاذ والعودَة للأرض .

احداث العَمل لا تبدُو مُهمّة ، الفيلم من بدايته يسير نحو طريق النجَاة ، حتّي مع التهويل وتتالي الأزمَات التي تواجه ريان ، الفيلم لا يتتّبع في سرديّته "نجاة" بطلته ، وانّما يُركّز علي "مشاعرها" و"دوافعها" و"غريزتها" ، وفي هذه الجُزئيّة يسقط النص سقطته الأولي - هذا لو تجاوزنا اهماله لتمهيد شخصيّاته - ، يبدُو باحثاً عن دافع مُحدّد للبقاء ، يلعب علي جُزئيّة ان ريان لا تري في الأرض شيئاً يستحق ان نعُود اليه ، ويبحث عن هذا الدافع خلال الرحلة ، جُزئيّة بدت مُفتعلة ، فالمُفترض ان "الغريزة" تحكم الأمر في حالة صراع البقاء ، سقطته الثانية في حوارات ريان ، هي لا تضيف شيئاً لا في حواراتها مع مات ولا وهي تُحادث نفسها ، ويبدو مُبتذلاً عندمَا تُخاطب مات بعد رحيله ، جُزئيّة بدَت متناقضة في فِعل غريزة البقاء .

لكِن النص مُميّز في سرديّته ، حدث كَبير يتدرّج بسلاسة وايقاع عظيم من البداية للنهَاية ، والرجُل لا يهتَم بأي حدث ثانوي ولا بمكَان آخر ، مُنذ انفجار المركبة ينفجر الايقَاع في مُتابعة سباق ريان والمَوت ، ومع الثقل اخراجي لا تشعر بإنزلاقة واحدة في الايقاع ، على صعِيد الاخراج ، الرجُل يحمل علي عاتقه مُهمّة اخفاء اخطاء ابنه ، لا يجعلنا نشعُر بأخطَاء النص ويقدّم ابتكارات بصريّة ، كوارون يمتلك مُخيّلة عظيمة لصُنع كُل هذا ، يُقدّم صورة كبيرة وعملاً تصويريّا عظيمًا ، الكاميرا تتحرّك في الفضاء الرحِب ببطء شديد ، يؤكّد علي ان الخطر في الفضاء وفي مأزق بطليه ، يخرج من بوتقة الكائنات الغريبة والانفجارات ، وبجانب كوكب الأرض المُوحِش في الخلفيّة ، يصنع دراما مُؤثّرة ولحظَات تصوّر حقيقة الخطَر ، وينجح في ضخّ المُشاهد بداخلهَا ليعايش كُل الخطر والوحدة والاختناق التي عايشته ستون ، لحظة دُخولها المركبة الروسيّة قبل نفاذ الاكسجين ، لحظة النجاة من الحريق ، امُور شعرت انّها حقيقيّة ولم اتوقّف لأسأل ، فقط انشغل بمَا يحدث ، وما كان هذا لولا ساندرا بولوك ، هي تقدّم اعظم اداءاتها ، نبرة صوتها واضطراب ملامحهَا ومُلامستها لأكثر مخاوف الانسَان قوّة ، واكثر احزانه ألمًا ، والشوق الحقيقي للحيَاة والغرق في الذكريَات الزائلة .

 فيلم Gravity هو انجاز مُهم وعظيم فعلاً ، حسناته اخراجيّة في المقام الأوّل ، كيفيّة تخيّل العمل لحظة بلحظة ومشهَد مشهَد ، ثم العمَل علي أرض الواقع ، عمل يصوّر فضاء من دون اشرَار ، فقط طالِع سيء لرجُل وامرأة ، هو بحث مُهم ، في غريزة بقاء الانسَان ونضاله نحو النجَاة وهو يواجه اكثر المخاوف تأصّلاً ، الوحدة و العُزلة و الموت ، عن الشوق للحيَاة بأصغر ما فيهَا حتّى لو كان نباح كَلب .


0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter