كتب
: محمد السجيني
التقييم :
4.5/5
بطولة :
ساندرا بولوك ، جورج كلوني
إخراج :
ألفونسو كوارون (2013)
الفيلم الأخير لألفونسو
كوارون يبدَأ بايقاع سريع ، وبلقطَة واحدة افتتاحيّة دون قطع ، نري فيها مات
كوالسكي رائد الفضاء المُخضرم ومعه الخبيرة ريان
ستون غير العالمة بأمور الفضاء وغير المتأقلمة عليه ، يأتيهم خبر انفجار
مكوك روسي وتطير اليهم الشظايا ، تتحطّم مركبتهم بالكَامل ، وتطير ريان بعيدَة ،
وتبدأ محاولات الانقاذ والعودَة للأرض .
احداث العَمل لا
تبدُو مُهمّة ، الفيلم من بدايته يسير نحو طريق النجَاة ، حتّي مع التهويل وتتالي
الأزمَات التي تواجه ريان ، الفيلم لا يتتّبع في سرديّته "نجاة" بطلته ،
وانّما يُركّز علي "مشاعرها" و"دوافعها" و"غريزتها" ، وفي هذه الجُزئيّة يسقط النص سقطته الأولي - هذا لو تجاوزنا
اهماله لتمهيد شخصيّاته - ، يبدُو باحثاً عن دافع مُحدّد للبقاء ، يلعب علي
جُزئيّة ان ريان لا تري في الأرض شيئاً يستحق ان نعُود اليه ، ويبحث عن هذا الدافع
خلال الرحلة ، جُزئيّة بدت مُفتعلة ، فالمُفترض ان "الغريزة" تحكم الأمر في
حالة صراع البقاء ، سقطته الثانية في حوارات ريان ، هي لا تضيف شيئاً
لا في حواراتها مع مات ولا وهي تُحادث نفسها ، ويبدو مُبتذلاً عندمَا تُخاطب مات بعد رحيله ، جُزئيّة
بدَت متناقضة في فِعل غريزة البقاء .
لكِن النص مُميّز في
سرديّته ، حدث كَبير يتدرّج بسلاسة وايقاع عظيم من البداية للنهَاية ، والرجُل لا
يهتَم بأي حدث ثانوي ولا بمكَان آخر ، مُنذ انفجار المركبة ينفجر الايقَاع في
مُتابعة سباق ريان والمَوت ، ومع الثقل اخراجي لا تشعر بإنزلاقة واحدة في الايقاع ، على صعِيد الاخراج ،
الرجُل يحمل علي عاتقه مُهمّة اخفاء اخطاء ابنه ، لا يجعلنا نشعُر بأخطَاء النص
ويقدّم ابتكارات بصريّة ، كوارون يمتلك مُخيّلة عظيمة لصُنع كُل هذا ، يُقدّم صورة كبيرة وعملاً
تصويريّا عظيمًا ، الكاميرا تتحرّك في الفضاء الرحِب ببطء شديد ، يؤكّد علي ان
الخطر في الفضاء وفي مأزق بطليه ، يخرج من بوتقة الكائنات الغريبة والانفجارات ،
وبجانب كوكب الأرض المُوحِش في الخلفيّة ، يصنع دراما مُؤثّرة ولحظَات تصوّر حقيقة
الخطَر ، وينجح في ضخّ المُشاهد بداخلهَا ليعايش كُل الخطر والوحدة والاختناق التي
عايشته ستون ، لحظة دُخولها المركبة الروسيّة قبل نفاذ الاكسجين ، لحظة النجاة من
الحريق ، امُور شعرت انّها حقيقيّة ولم اتوقّف لأسأل ، فقط انشغل بمَا يحدث ، وما
كان هذا لولا ساندرا بولوك ، هي تقدّم اعظم اداءاتها ، نبرة صوتها واضطراب ملامحهَا ومُلامستها
لأكثر مخاوف الانسَان قوّة ، واكثر احزانه ألمًا ، والشوق الحقيقي للحيَاة والغرق
في الذكريَات الزائلة .
فيلم Gravity هو انجاز مُهم وعظيم
فعلاً ، حسناته اخراجيّة في المقام الأوّل ، كيفيّة تخيّل العمل لحظة بلحظة ومشهَد
مشهَد ، ثم العمَل علي أرض الواقع ، عمل يصوّر فضاء من دون اشرَار ، فقط طالِع سيء
لرجُل وامرأة ، هو بحث مُهم ، في غريزة بقاء الانسَان ونضاله نحو النجَاة وهو
يواجه اكثر المخاوف تأصّلاً ، الوحدة و العُزلة و الموت ، عن الشوق للحيَاة بأصغر ما فيهَا
حتّى لو كان نباح كَلب .
0 التعليقات :
إرسال تعليق