التقييم : 5/5
بطولة : نادين نورتير ، جون
كلود جيلبرت
إخراج : روبير بريسون (1967)
"الأفكار : إخفاؤها –
برهافة – تشي أن العثور عليها ممكن ، أهم الأفكار أكثرها إحتجاباً ! ، عندما لا
تدري ما تفعله و ما تفعله هو الأفضل ، هذا هو الإلهام !"
– بريسون .
"موشيت" فن ، ولأنه فن فهو – بالضرورة – ثوري ، فتاةٌ مراهقةٌ ريفيةٌ غير قادرةٍ على التواصل و الاندماج ، المجتمع يقوم بصدها بضراوة لإنها مختلفة ، يقوم الزملاء والمدرسين بتعذيبها في المدرسة ، في البيت تعمل كممرضة لأم تموت و تعمل كأم لأخيها الرضيع وتعمل كزوجةٍ لأبٍ سكير ، في ظل تعدي / إهمال من الجميع تجد طرقاً خجولةً غير مرضيةٍ للدفاع ، و لا طريق واحد للهرب ، تحاول فتفشل ، تفشل فتيأس ، تيأس فتبحث عن السلام وأخيراً تجده !
يفرد
بريسون وقتاً لا بأس به حتى يرينا أفخاخ الطيور وصيد الأرانب ،
فنرى موشيت في الطائر أو الأرنب البري ، الاثنان يملؤهما البراءة
والرغبة في التجربة ، يحاولا الفرار و لا سبيل للنجاح في ظل إلحاح من الصياد
وضوضاء الطلقات المصيبة بالجنون ، الحياة وسط المطاردة والصخب والخوف هي عبثٌ بلا
شك و هي نوعٌ مستمرٌ من الهرب .
بريسون
يقوم بكشفنا أمام أنفسنا بعرضه لقسوة المجتمع و ماديته ليس عن طريق المبالغة و لكن
عن طريق "بضاعتنا رُدَّت إلينا" ، مما يفسر قوله بأن مواقع التصوير
المجهزة ليست شيئاً حقيقياً ، صناعة الأفلام – من وجهة نظره – تعتمد على جمع للصور
و الأصوات الحقيقية بغية جعلهم مؤثرين .
"بريسون"
الرسام و أحد القلائل الذين يصح معهم القول بأنه الشيخ الأوحد لطريقته ، فلا تخطئ
فيلمه عندما تراه حيث يكون ، كل فيلم له هو درس سينمائي غير قابل لإعادة التنفيذ ،
"بريسون" يُجلّ من الأذن حيث أنها تغوص في المضمون بينما
تطفو العين على السطح الخارجي ، لكنه لا يستخدم الموسيقى إلا بحرص بالغ ، يؤمن بأن
الموسيقى تستحوذ على كل المساحة فلا تُعطي قيمة مضافةً للصورة ، لذا يضيفها
للضرورة .
ممثلو
بريسون – كالعادة – ليسوا ممثلين محترفين ، لكنهم – كالعادة –
تأثيرهم صادق للغاية ، حيث يتعامل معهم كتعامله مع الطبيعة باعتبار وجودهم يكفي ،
الكثير من المخرجين في حاجة إلى بهارات (أداء مؤثر – موسيقى معبرة – جمل مرسومة –
أحداث ضخمة) لكن ليس هذا الناسك الزاهد ، فمن المتوقع أن يسعى بريسون –
كغيره – حتى يجعلك تحب شخصيته لتتعاطف معها ، بريسون لن يسعى و نحن
سنتعاطف .
يجسد
بريسون موشيت كمخلص العصر وكضحيته ، حيث يلفها بكفن كُتّاني في محاكاة
لكفنِ تورينو الذي يُعتقد أن السيد المسيح قد تم لف جثمانه به ، سيكتفي بكونها ضحية عالم لا يبرأ
الإنسان فيه من آثامه ، شخصيات بريسون هي شخصيات تبحث عن الخلاص ، أحياناً تجده وأحياناً
يجدهم ، على عكس أفلامه Pickpocket
–A Man Escaped بريسون أعطي لموشيت خلاصاً قاتماً .
موشيت
فتاة لكل زمن و كل مكان يرسمها بحب فنانٌ لكل زمن و كل مكان .
0 التعليقات :
إرسال تعليق