كتبت : فاطمة توفيق
التقييم : 4.5/5
بطولة : مادس ميكلسن ، توماس بو لارسن
إخراج : توماس فينتربرغ (2012)
في أولى
تجاربي مع المخرج الدنماركي توماس فينتربرج ومن خلال فيلمه الفائز بأكثر من جائزة في مهرجان كان العام
الماضي ومرشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي لهذا
العام ، انتقلت إلى بُعد جديد من أبعاد ودواخل النفس البشرية ، حيث الشك يسيطر على
كل شيء من حولك ، ليفقدك عالمك وكل ما تملك.
في الفيلم
، نتعرف على لوكاس الهادئ
ذو الشخصية اللطيفة التي يحبها الجميع ، مع مشاكل حياته الخاصة المعتادة والمتشابهة
مع الآخرين ، حتى ينقلب الأمر فجأة رأساً على عقب من حيث لا يدري ولا يتوقع من خلال
كذبة صغيرة تغير عالمه بالكامل ، وتبعده عن الآخرين.
أثناء
مشاهدتي للفيلم وجدت أن قوة الفيلم تعتمد على نقطتين رئيسيتين ، أولهما
وهي الأهم : سيناريو الفيلم ، المتقن
، القوي ، والأهم من ذلك الاتجاه الذي يتحرك فيه السيناريو خلال الفيلم ، فهو لا يسير
بشكل معتاد ناحية حل المشكلة بقدر ما هو يحكي كيفية معايشتها ، التعرض للحياة من خلالها
، يورطك أنت كمشاهد فيها ، ويعلمك كيف تنتقل بها مع الوقت.
النقطة
الرئيسية الثانية التي ترتكز عليها قوة الفيلم هي قوة و براعة آداء الممثلين ، وبالذات
مادس ميكلسن الذي
قام بدور الشخصية الرئيسية في الفيلم _والتي حاز بسببها على جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان الماضي
، والفتاة الصغيرة آنيكا فيدركوب المبهرة
جداً بآدائها البارع على الرغم من صغر سنها ، وانتهاءاً بالممثلين الذي قاموا بأدوار
صغيرة كأصدقاء لوكاس ومدرسات الحضانة.
الفيلم
أيضاً يتعرض وبقوة لنفسيات البشر وردود أفعالهم في حالة الصدمات ، الصدمات العامة التي
تستهدف الكثيرين وتجعلهم يتصرفون بطريقة معينة قد تكون غير منطقية ولكنها مبررة من
خلال الموقف ، مبررة من خلال رغبتهم ليكونوا وحدة واحدة أمام الشر الذي يخافون منه
، يخافون حتى من التحقق منه بشكل كافي فقط ليكونوا سوياً ضده ، ويبرز شخصيات من يخالفون
ذلك ، يخالفون التيار ويسيرون في اتجاه معاكس من أجل الفهم ، أو التعاطف ، ويقدّرهم
، وبالطبع يتعرض لشخصيات وأفعال من يعرفون الحقيقة ولكن ليس بطريقة معتادة وإنما بشكل
حساس وهش ورقيق للغاية ، الفيلم في حقيقة الأمر هو تشريح للنفس البشرية من مختلف الأوجه
تحت تأثير الصدمات ، تشريح رقيق ومغرق في الانسانية.
من النقاط
التي تحسب للمخرج جداً جمال صورة الفيلم ، زوايا التصوير وحركة الكاميرا المعبرة جداً
عن حالة كل مشهد ، وأماكن التصوير.
فكرت
كثيراً لماذا اختار المخرج هذا الاسم بالذات ليعنون به فيلمه ، لماذا اختار (الصيد) كحالة
وموضوع يبدأ وينتهي به الفيلم ، وكإرث ينتقل بين الأجيال ، و وجدت أن الحيوان الذي
يتم اصطياده ، سواءً في الفيلم أو عموماً لم يكن بيده أو باختياره أن يكون ضحية لهذا
الصيد ولتلك الرصاصة بالذات ، كما حدث مع لوكاس ، حيث
أتته المشكلات من حيث لا يتوقع أو يختار ، وكيف أن الصيد الذي
سيرثه ابنه كتقليد للعائلة يشبه الجرح الذي عاشه مع أبيه وسيعيشه من بعده ، كما أن
الحيوان ضحية الصيد يكون مصيره خيارين لا ثالث لهما ، إما الموت وانتهاء حياته بما
حدث ، أو الكفاح والعيش بالاصابة والجروح باقي عمره ، ونحن من خلال الفيلم ، ومع كل
موقف صغير ، نشاهد لوكاس وهو
يكافح ، لا نعرف هل سيستمر وكيف سيستمر ومتى سينهار ، ومع استمراره نشاهده يحمل جروحه
، ونفسه التي أُثقِلَت كثيراً ويحاول الحياة.
The Hunt أو كيف تتنقل بكل جروحك القديمة
/ إرثك الثقيل وأنت تجاهد لتبقى حياً ؟
0 التعليقات :
إرسال تعليق