كتب : فراس محمد
التقييم
: 4.5/5
بطولة
: جيرمي آيرونز ، ييري ستانيسلاف
إخراج
: يرزي كيسلموفيسكي (1982)
فاقد الأمل يستطيع ان يعطيه ، يرزي كيسلموفيسكي
و جيرمي آيرونز سيتكفلان بذلك , حتى ولو كان بأكثر الاساليب
احباطاً ويأساً .
اليأس والامل هما ثنائية الفلم البولندي ،
حتى وأن كان مركزه لندن ، حتى وإن كان مركزه لاس فيغاس لا يهم ,
الروح البولندية الحزينة رغم كل المواقف المثيرة للسخرية في الفلم هي المسيطرة ,
هذه الروح ذكرتني شيئاً ما بمناخ واحساس Decalogue كيسلوفيسكي وفلم كريستوف زانوسي A Year of the Quiet
Sun
، حيث البولندي وفي اي مكان وجد فهو محكوم بأثار الحرب وبآثار
الاضطرابات السياسية والعسكرية في بلده , والذي ينعكس عليه كفقدان تام للاستقرار ,
فقدان للراحة الداخلية , احساس دائم بأن المستقبل شيء مؤذي ويخبئ الاسوأ .
ثري بولندي ارسل اربعة عمال بولنديين للندن
من اجل اصلاح شقته فيها , ثلاثة منهم لا يتقنون الانكليزية والرابع كان بوصلتهم ،
يعيشون من خلال ما يقوله لهم , ولكن حظهم السيء جعل الاحداث السياسية والاضطرابات
تندلع في بلدهم واصبح من الصعب العودة او حتى الاتصال بالوطن او استلام اي مبالغ
اضافية ، لكن رئيس الورشة – ايرونز – والذي كان على علم بالاحداث اول بأول بسبب اتقانه
الانكليزية فضل عدم اطلاعهم عما يجري ، اراد ان يتكفل بتسيير الامور حسب طريقته ,
وتحولت لندن لسجن لهذا الرجل , لم يجد سوى الحيلة كي يبقيهم بنشاطهم وليبقيهم على
قيد الحياة ايضاً ، من سرقة الجرائد ليعرف الاخبار , انتهاءً بسرقة كل شيء , كي لا
يشعرهم باي تغيير ، والعمل كان وسيلته كمخدر من اجل ابعادهم عن ما لا يجب ان
يعلموه .
كيسلموفيسكي , يعرف ان اولئك البشر لا يمكن ان يكونوا وحدهم , هناك راعي
خلفهم , ربما اسمه الله حتى ولو لم يؤمنوا به , ربما اسمه الحظ , الذي كان يتدخل
في اصعب واكثر الاوقات توتراً , والذي كان بقدرة نادرة يمنع اي شرطي من الاقتراب
منهم , ومع ذلك , حتى حينما يتدخل الله , فهو لا يُصلح الامور التي بدت انها قد
خرجت من يده , ولكن الله اشفق عليهم ولا يريد ان يزيد من مشاكلهم ومأسيهم ، هم
يعيشون ضمن منظور رئيس الورشة للأمور ، ورئيس الورشة لم يعد لديه ما يقدمه ليقنعهم
أن الامور بخير .
الفلم يريد ان يصنع عالماً وهمياً " أقل سوءاً
" من العالم السيء الذي في انتظار العمال البولنديين , ولكن حتى الوهم محكوم
بالزمن , والانهيار لن ينتظر طويلا ، كيسلموفيسكي شاهد هذا العالم من عيني شخصية جيرمي ايرونز
, هذا الرجل كان الفلم كله , الكاميرا ظلت خلفه طيلة دقائق الفلم , لترصد كيف وبأي
وسيلة يتدبر اموره في سجنه الكبير , يبدو ان كيسلموفيسكي يجيد
التعامل مع افلام الممثل الواحد , حيث كرر هذه التجربة مع فلمه الاخير برفقة فينسيت غيللو
, ولهذا السبب كان هذا أفضل أداء اشاهده لجيرمي آيرونز
، الافضل على الاطلاق ، فطريقته في التعبير عن يأسه وحيرته وخوفه من المستقبل كانت
مؤثرة بالشكل الذي تستطيع ان تقاسمه هذه المشاعر , بدا كرجل آتٍ فعلا من شرق
اوروبا حيث الحرب مندلعة , كرجل لا يعرف كيف يسرق أو كيف يكذب لكنه يحاول ان يتقن
ذلك , هذه ما علمته اياه لندن .
0 التعليقات :
إرسال تعليق