التقييم : 4.5/5
بطولة : كلايف أوين ، جوليان مور ، مايكل كاين
إخراج : ألفونسو كوارون (2006)
بين ما يُعرف بالـ Three Amigos أو الأصدقاء الثلاثة ، يبدو ألفونسو كوارون الأكثر قدرة على تحدي ذاته و الأكثر قدرة على التفكير خارج الصندوق ، صحيح
أن كل واحدٍ من ثلاثي المكسيك إختط لنفسه مساراً مختلفاً و خاصاً جداً ، إلا أن كوارون تحديداً – و خلال عقدٍ أو عقدين – سيذهب أبعد منهم جميعاً ، لا أقلل من
شأن إينياريتو و ديل تورو شيئاً .
جزئية مهمة للغاية يتطرق لها هذا السيناريو المقتبس الرائع لألفونسو كوارون حول مستقبل البشرية تتمثل في الدافع الحقيقي لـ( المستقبل الأفضل للبشرية ) والكامن كما يراه كوارون في ( الإستمرارية ) ، الإستمرارية هي دافعنا الأزلي نحو الأفضل و محركنا منذ القدم في دروب التحضر ، بدونها تحدث الردة الأخلاقية العنيفة نحو إعادة رسم ملامح إنسان الغاب ، في عام 2027 أصغر سكان الكوكب يقضي نحبه والعالم يقع فريسة لصراعات عرقية و دينية و مناطقية ، السبب في هذا كما يراه كوراون هو سير الجنس البشري نحو الإنقراض ، إعادة قراءة من كوارون في منبع ما يسمى اليوم بـ( الإرهاب ) تعقد علاقة إقتران مع ( الوجود ) و كيف أن تهديد ذلك الوجود – وهو القيمة الأثمن للإنسان – ينبيء بمستقبل لا وجود فيه لمعنى الإستمرارية ، و في زمن لم تعد بوادر ( الإستمرارية ) بادية لأي مخلوق على وجه الكوكب لن يعود لـ( التاريخ ) أهمية في مستقبل لا وجود له ، و بالتالي لن تكون هناك أهمية للمعنى الذي تحمله تصرفات البشر طالما أنه لن يعود هناك تاريخ يسجل هذه التصرفات في المستقبل ، هم البشرية الوحيد بات يتمثل في البقاء ، وهو هم يحول عالم 2027 إلى عالم موحش من الدمار و الثورات و الإعتقالات و القتل في نظرة حقيقية و منطقية لمستقبل من هذا النوع لا يبدو فيها كوكبنا بعد أكثر من عقدين وقد حقق أي قفزة علمية مهمة - كما يحدث في جميع الأفلام المستقبلية - طالما أن الجيل الأخير في تاريخ البشرية هو الجيل الذي يعيش الآن وليس هناك من جيل قادم يستحق أن نفعل شيئاً من أجله ، همٌ يخفف مع ظهور أول إمرأة حامل على ظهر الكوكب منذ أكثر من 18 عاماً ، قصة تحمل رمزية دينية واضحة ، في ظل وجود ( مسيح منتظر ) جعله كوارون أسود اللون كناية عن مستقبل كوكب يجب أن يفهم فيه كل عرق العرق الآخر ، و يحترمه ، و يقدر وجوده ، بل ويموت فيه الأبيض من أجل بقاء الأسود .
سيناريو الفيلم يقابله
بقوة أحد أعظم الإنجازات الإخراجية لعام 2006 ، ألفونسو كوارون يصنع
لندن مستقبلية شديد السوداوية غامضة المصير ، من خلال إخراج فني عظيم من جيم كلاي و جيفري كيلكلاند
، رحلة أمل لا يكتفي كوارون بجعلنا نتأملها طوال مدة عرض الفيلم بل يقدم لنا دعوة صريحة
لنعيشها ، نعيشها بالمعنى الحرفي للكلمة ، و نعيش بعضاً من معاناة شخصياتها في
واحدة من أكثر ( صور ) 2006 إنطباعاً في الذاكرة ، و هو أمر ما كان ليتحقق بتلك
القوة لولا أن المكسيكي العبقري إيمانويل لوبيزكي كان في واحدةٍ من أعلى درجات توهجه ، إنجازٌ للذكرى و واحدٌ من افضل أفلام العقد
الماضي .
0 التعليقات :
إرسال تعليق