الثلاثاء، 11 مايو 2010

Caché

كَتَب : محمد المصري

التقييم : 4.5/5

بطولة : دانييل أوتيل ، جولييت بينوش
إخراج : مايكل هانكه (2005)

يبدأ فيلم مايكل هَانِكَه الحَائِز على جائزة أفضل إخراج في مهرجان كان لعام 2005 بلقطة طويلة تستمر قرابة الدقيقتين لواجهة منزل في صباح إحدى الأيام العادية ، قبل أن ندرك أن ذلك ما هو إلا شريط مسجّل ، شريط مُرْسَل من مجهول للعائلة التي تسكن في هذا البيت ، مباشرةً ندخل في الأحداث ودون أي مقدمات درامية : من هو ذلك الذي يرسل تلك الشرائط وماذا يريد ؟ ، الشيء المرعب فعلاً في الشرائط المرسلة أنها لا تحوي إلاّ ما هو عادي جداً وطبيعي للغاية ، ومع مرور الأحداث ندرك – أو يجبرنا هانكه على ذلك ! - أن المهم فيها ليس ما تحتويه .. ولا من أرسلها ، بل أهميتها تنبع من ذاتها ، هانكه هنا يصنع إثارة نفسية بامتياز ، يضعنا منذ البداية كثالث لبطلي فيلمه بنفس محدودية المعلومات التي يعرفونها ونفس القلق والترقب الذي ملأ حياتهم ونفس الخوف الذي يشعرون به من شرائط تشعرهم أنهم مراقبون وهناك من يتتبعهم ، تشعرهم بالخطر رغم عدم احتواءها على أي تهديد ، ولكن التهديد الحقيقي ينبع من التأثير الذي تحدثه عبر محورين : الأول هو تأثيرها على تلك العائلة ، والثاني هو فتحها باباً لذنبٍ ظن صاحبه يوماً أنه اغتُفِر .

وحِينَمَا نَصِل في النهاية للسؤالِ المُحَبّب (مَن كان يُرْسِل الشرائط ؟) ، لا يُصْبِحُ ذلِكَ مُهِمّاً من الأساس ، لأن هانكه يتعمد ألا يحوّل فيلمه – وسائر أعماله الأخرى - لفيلم ألغاز تتكشف في الدقائق الأخيرة ولكنه يضع المشاهد كجزء من اللعبة ، ربما ما من أحد يرسل الشرائط في الواقع ، ربما كان جورج يرسلها لنفسه كي يحول صراعه الداخلي لصراع خارجي أملاً في أن يستطيع الغفران لنفسه ، ربما كان هَانِكَه نفسه هو من أراد مراقبة أبطاله بل ويخبرهم أنه يراقبهم ويصبح (الصانع) جزءً من (أحداث) فيلمه بشكلٍ لم أره شخصياً في أي فيلم إثارة من قبل ..

مايكل هَانِكَه ليسَ فقط هو نجم العمل .. هَانِكَه في الحقيقة هو العمل ذاته ، واحد من أميز وأعظم الأعمال الإخراجية خلال الألفية ، شاهد فقط كيف يضع المشاهد كجزء من اللغز والحل منذ أول دقيقة في الفيلم ، كيف يجعلنا نشارك أبطاله كل هذا الخوف والقلق الذي يشعرون به ، كيف يرفع رتم الإثارة تدريجياً رغم أن كل ما يحدث عادياً بالفعل ، كيف يجعل الحقائق تتكشف ، كيف يصنع لحظة الانتحار التي لا تنسى .. والأهم من كل ذلك : كيف يمنح فيلمه كل هذا الإبهار السينمائي رغم عدم استخدامُه لأيًّ مما قَد يُبْهِر ؟ ، عَمَل إخراجي عَظيم لفيلمٍ لا يَقِلّ عَظَمة ..


0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter