كَتَب : محمد المصري
التقييم
: 5/5
بطولة
: ليوناردو ديكابريو ، مات ديمون ، جاك نيكلسون
إخراج
: مارتن سكورسيزي (2006)
سَمِعتُ عن المشروع لأولِ مرة في 2005 ، ولأكثر
من عامٍ ظللت أتساءل عن السبب الذي يدفع مارتن سكورسيزي لاقتباس رائعة أسيوية مُعاصرة كـ Infernal Affairs ويُحوّلها لفيلم حركة أمريكي بعد أن انتهى لتوّه
من ملحمتيه الكبيرتين Gangs of New York و The Aviator ، مُتحملاً مغامرة غير مؤكدة النجاح وفيلم يَحمل
مادة أقل أهمية بكثير مما اعتاد أن يقدمه ، اعتبرت وقتها أن هذا هو أكبر تحدّي إخراجي
واجه مارتي في مسيرته ، وحينما شاهدت الفيلم في نوفمبر 2006 لأول مرة خرجت من السينما
مبهوراً ومُندهشاً ومُصفقاً وأكثر ثقة من القناعة التي كُنت قد كَوّنتُها مُسبقاً في
كونِ هذا هو "أعظم مُخرج على قَيدِ الحياة" .
خلال الأربع سنوات شاهدت هذا الفيلم سِت مرات
في ظِروفٍ مُختلفة ومع أُناسٌ مُتَغَيّرون ، آخرها مُنذُ عدة أيام ، وفي كُل مَرّة
كُنت أُتابع .. بنفس الترقّب والدّهشة .. إجابة السؤال الذي ظللت أتساءله لأكثرِ من
عامٍ .
خطة سكورسيزي في تحويل الفيلم
الأسيوي الناجح عام 2002 لِـ تُحفة كلاسيكيّة مُعاصرة في 2006 اعتمدت – بالأساس – على
شيئين : أولاً .. اختلاف المُعالجة ، سكورسيزي جَرد الفيلم
الأسيوي من الشاعرية الشديدة التي اكتنفت مُعالجته ، مُعتمداً في فيلمه على حِسّ واقعي
صادم بشدّة ، خَلق بيئة أمريكيّة في كُل تفاصيلها .. عالم مُنغلق على أبطاله ويشعرون
فيه أنهم مُحاصرون في كُل لحظة ، مُجتمع لم يعد فيه تَبَيّن الفارق بين الشّرطي ورجل
العصابة لأن الأمور تداخلت وصارت "أمّة من الفئران" ، ثانياً : العُمق ، العُمق
الذي افتقدته نُسخة أندرو لو وآلان ماك من الحكاية ، فَمن خلال سيناريو عبقري لويليام موناهان
يُتابع سكورسيزي شخصياته وهِيَ تَتساءل ذات السؤال الذي تناوله مُسبقاً
في مجموعة من أهم أعماله : "من أنا ؟" ، مُركزاً في بناء فيلمه على ( الظروف ) التي
نشؤوا فيها مَتبوعه بمحاولتهم ( اختيار ) طريقهم والتقديرات العبثية التي حدثت في المنتصف ووضعت كُلّ
منهم في المكان الوحيد الذي لم يُرده يوماً ، لِيَبْرُز الفارِق الذي لا يَكادُ يُلحظ
بين ما نبدو عليه وبين ما نَحنُ عليه فعلاً .
ديكابريو كان عبقرياً في أداءه لرجل على حافة الانهيار
ويَشعر بالقلق والخوف في كُل لحظة يُمكن أن يَصبح مقتولاً في تلك التي تليها ! ، مونتيرة
سكورسيزي الأثيرة ثيلما ثكونماكر هي صاحبة الفضل الثاني بخروج الفيلم بتلك الصورة
بواحد من أفضل الأعمال المونتاجية خلال الألفية ، وأولاً وأخيراً كان سكورسيزي نفسه
.
بعد صدور الفيلم بعدة أشهر جاء التكريم الأكبر
للرجل عن واحد من أعظم أفلامه ، وبقامَةٍ قَصيرة ، وابتسامَةٍ خَجِلة ، ولَكْنَة مُحببة
، وكلمات سريعة مُتعاقِبَة ، صَعد إلى مسرح كوداك صانعاً واحدة من أكثر لحظات السينما خلوداً .
0 التعليقات :
إرسال تعليق