السبت، 17 أبريل 2010

Good Bye Lenin!

كتب : محمد المصري

التقييم : 4.5/5

البطولة : دانييل برول ، كاثرين ساس
إخراج : فولفجانج بيكر (2003)

حين شاهَدته لأول مرّة صار واحداً من أفلامي المُفضلة ، أَحببت كُل ما فيه دُون تحفظات ، وأبهرني في جُزئيتين نادراً ما شاهدتُ عملاً – سينمائياً أو أدبياً – قد تناولهم بذات العُمق ، قِصّة تدور في السنتين المُحيطتين بانهيار سور برلين وإعلان الوحدة بين الألمانيتين ، يتناول فيه فولفجانج بيكر بنزعة كوميديّة التغيُّرات التي طرأت على ألمانيا الشرقية – ذات التوجهات الإشتراكية – بعد وحدتها مع ألمانيا الغربية التي تتبع سياسات رأسماليّة ، عَبر قِصة أم يسارية ومُنتمية للحزب الشيوعي تُصاب بغيبوبة وحينما تعود للحياة تكون الوحدة قد حدثت ويُحذر الأطباء من أي قلق أو إزعاج يصيبها حتى لا تتعرض لنوبة قلبية ثانية ، وبدافع الخوف عليها يقرر ابنها المُراهق أليكس ألا يشعرها بأن أي شيء قد تغير ويُقيم لها وحدها عالماً خيالياً لَم تسقط فيه ألمانيا الشرقية بعد ، ويَكتشف بعد فترة أنه يَبني لنفسه أيضاً صورةً مُثلى للوَطنِ الذي كان من المفترض أن يكون .

أعترف بأن تلك المشاهدة قد حملت تحفظات على الفيلم قلّلت نسبياً من إعجابي غير المشروط به في المشاهدة الأولى ، بعض الإفتعالية في مواقف قليلة ، البناء الهَش لشخصيّة الأُخت رغم أهميتها ، المبالغة في إظهار الجانب الإستهلاكي بعد انهيار السور ، ولكن المُهم فعلاً أن ما أبهرني في مُشاهدتي الأولى قد أبهرني في تلك المشاهدة أيضاً .

يُبهرني أولاً روعة العلاقة بين الأُم والابن ، الأم التي آمَنَت طوال حياتها بأفكارٍ وبَقت لأجلها في أرضٍ كان يُمكن أن تعيش حياة أفضل بعيداً عنها ، الابن يُدرك قيمة ذلك بالنسبة لها وأَن جُزءاً منها يَعيشُ بتلك الأفكار وفي ذلك المُجتمع الشرقي وحده ، وهو في المُقابل لَم يُرد سوى أن يُبقيها على قَيد الحياة ، فيَمنحها حياة موازية تعيش فيها ، الموازنة التي يصنعها فولفجانج بيكر في خلقه لعالم موازي عَبر شرائط فيديو ومُنتجات مُنقرضة وشُرفة نافذة وتواطؤ صُحبة وبين الشحنة العاطفية الهادئة لمُراهق يُريدُ لوالدته الحياة ، بين وضعه لعمله في قالب كوميدي ورغم ذلك ابقاءه لعمقه صلباً وقوياً ومؤثراً بشدة .. موازنة ناجحة لدرجة الدهشة في رأيي .

الجُزئية الثانية التي تُبهرني هي العالم نفسه ، فولفجانج بيكر يتماهى – كما بطله – مع الفكرة ليَصنع منها مُجتمعاً مثالياً مُتمنى ، أبطاله هُم أبطال الطفولة وقوامه هِيَ الأفكار التي كان يجب أن تبقى ، يتخيّل الوطن الذي أراده وحلم به ويَرسم حدوده بشجن يُمكن تبيانه حتى مع الحس الكوميدي في المُعالجة ، تاركاً في نهاية عمله حنيناً عميقاً لأرضٍ لم تَكُن .. وحُلمٌ لم يكتمل .

هذا هو فيلمي الألماني المُفَضَّل خلال العقد كاملاً !


0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter