كتب : محمد السجيني
التقييم : 3.5/5
بطولة : هارفي كايتل ، مايا مورغنستيرن
إخراج : ثيودوروس أنجيلوبولوس (1995)
عبر فيلمه
هذا يُعالج انجيوبوليس أزمة
فنان في واقع تائه محفوف بالمخاطر ، ويطرح سؤاله الأهم ، كيف يمكن لفنّان ان يحتفظ
بولعه في هذا العالم ؟
يحكي
الفيلم قصّة مُخرج سينمائي يبحث عن فيلم مفقود ويعتقد بأنه اول شريط انتج في دول البلقان
، وهذا البحث يفضي به الي رحلة طويلة عبر دول البلقان حتى يصل الى سراييفو التي تضربها
حرب طاحنة حيث القصف والشوارع المُدمرة والجثث ، وهناك في معمل لتحميض الأفلام ينجح
في العثور علي الاشرطة التي يبحث عنها وذلك بمُساعدة عجوز يشرف على المبني ، ولكن هذا
العجوز سرعان ما يتعرض الي القتل .
انجيوبوليس في فيلمه
هذا لا يعني بالتحديقة نظرة المرء الحسيّة ، ولكن النظرة الروحية ، ان تنظر في الآخر
فتفهمه وتتواصل مع روحه ، وعلي الجانب الآخر لا يستحضر فقط روح هوميروس وانما
أيضاً التقليد الاغريقي في التأمُّل والظاهر في افلاطون في ارث
اليونان .
اعتمد
انجيوبوليس في فيلمه
علي الحركة الطويلة للكاميرا ، بحيث يتكون فيلمه من عدد صغير من اللقطات طويلة المدى
، وعلي التشكيل في بناء الكادرات بحيث يمثل ذلك احتفاء بالمكان ويكشف ما فيه من جمال
، وعلي الحوار المليء بالتساؤل والتأمل
.
هذا الفيلم
رحلة واقعيّة ترتبط بذات بطلها ، ويخوضها ، بعمق باحثاً عن اشارات الأمل ، مُستعرضاً
ثقافة بلقانية توشك علي الموت ، فيه يخترق انجيوبوليس الخط
الفاصل بين السرد الحقيقي والمتخيل ، ويتماهي هذا الخط تماماً فيصبح الواقع سينما والسينما
واقعا ، وكعادته في سبر أغوار النفس البشريّة يبتدع أشكالاً جديدة للسرد .
وكالمُعتاد
يخرج الفيلم من خصوصيّة التناول في الطرح ويذهب بعيداً ليتناول الحروب وعلاقة السينما
بالتاريخ والسياسة ، والبحث عن الحب والهوية والبراءة ، ففي رحلته يندمج الماضي والحاضر
، والحلم والواقع .. وهذا عبر ثلاثة مستويات في التقديم ، المستوى الأوّل هو البحث
عن السينما في دول البلقان ، والثاني البحث عن تاريخ البلقان ، والثالث رحلة البطل
الشخصيّة وما جناه عبر شريط حياته .
تبدو
هنا اللغة السينمائية لأنجيوبوليس متأثرة
بالياباني ميزوجوتشي ، في
استخدامه للـ Deep Focus او في ضم الزمان والمكان الواقعين
في خارج الكادر الي السرد ، ولن يكون الحضور الجمالي الاستثنائي للطبيعة لدي انجيوبوليس من دون
ذكر المصوّر البارع يورجوس ارفانتيس ، حيث
اشراك الطبيعة في السرد والذاكرة يتم بصرياً عن طريق الاعتماد علي العدسات العريضة
، وعلي هذا فالنفس الملحمي للفيلم قوّاه التقليل في القطع وتكريس اللقطات الطويلة التي
تنتقل مباشرة إلى تالياتها من دون الإضاءات تدريجية او الافولات التدريجيّة للكادرات
الاولي والأخيرة من كل لقطة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق