كتب : فراس محمد
التقييم
: 4/5
بطولة
: ديفون بوستيك ، ريتشل بلانشارد ، لوكا تاسوني
إخراج
: آتوم إيغويان (2008)
افلام اتوم ايغويان - وهذا رابع فلم اشاهده له بنفس الأسلوب - تشبه الغوص في بركة من الرمال
المتحركة , تكتشف مع قدرته على رواية قصته من اربع او خمس محاور زمنية , انه تمكن منك
, او استسلمت له وتورطت بما يريد ان يقدمه , ما يساعده على ايصال هذا الشعور بالغرق
هو ثيمته التي تكررت في Ararat و Exotica و ذكريات
الزمن القادم وهذا الفلم هو عقدة الذنب تجاه الماضي الذي يسكن شخصياته الحزينة , التي
لا تريد ولا تستطيع ان تترك الماضي وراءها , محاوره الزمنية المتعددة يعطي احساس بإثارة
من نوع نادر وتشويش غريب , رغم انها ليست اثارة بالمعنى التقليدي , ولكن كل محاوره
تهدف لفهم حقيقة الذنب تجاه الماضي وتلتقي جميعها عند الحقيقة , وهي الشي الاكثر حزناً
في افلامه .
اسلوبه الحزين وطريقته في توظيف موسيقى الكمان بين مشاهد الماضي ومشاهد
الحاضر وحركة الكاميرا البطيئة وعدم قدرة المشاهد على فهم هذا الحزن قبل الشعور (بالغرق) , يكثف من مشاعر واحاسيس
الفلم بشكل متعاظم عندما تبدأ الازمنة بالتلاقي ووجهات النظر بالتوضح , وفي هذا الفلم
يحول ايغويان قضية الارهاب من قضية عامة , لقضية شديدة الخصوصية , رغم
ان هذه القضية ليست الفكرة الاساسية من فلمه بقدر ما هو التعصب والنظرة العامة التي
يسببها هذا الارهاب , كثير من الاشخاص كانوا ضحية ارهاب لا ينتمون له , لكنهم ضحايا
, (وطريقته الرائعة في ترميز فكرة الكمان) اوضحت خطأ هذا الانطباع , ايغويان بنفس الوقت
الذي يدين فيه الارهاب , يدين فيه طريقة الغربيين في التعامل مع المكان الذي اتى منه
هذا الارهاب , الفلم لا يريد ان يستعطف , ليس كنوعية الافلام ذات النوايا الحسنة (رغم
انها موجودة) , لكنه يترك للأحاسيس والشوائب الثقيلة ان تظهر للواجهة ليبرز قدر قبحها
, ورغم ذلك , الافكار الجاهزة التي عادة ما تكون موجودة في هذه الافلام كانت حاضرة
هنا لكن ليس بالشكل المزعج , ودون ان تخطف بقية تفاصيل الفلم اهميتها , فالحالة التي
أتى بها كانت افتراضية ومتخيلة , ولها مبرراتها التي تعود للماضي , الذي هو دوما بطل
افلام ايغويان .
الشيء المميز في هذا الفلم , هو اسلوب السيناريو في استحضار هذه الحالة
المتخيلة (بأن يعتبر شخص ما نفسه ابناً لأحد الارهابيين وينشر هذه الاشاعة بين اصدقائه
ويختبر ردود فعلهم , ونشاهد كيف تفاعلت هذه الاشاعة في المجتمع) وهذه كانت الطريقة
التي اراد بها هذا الشخص ان ينتقم لموت والدته , ان ينتقم نتيجة معلومات حصل عليها
لم تكن تفضي لحقيقة ما جرى ، اسلوب المونتاج الذي استخدمه ايغويان لم يكن
يحرر كل المعلومات دفعة واحدة , وكان يحتفظ بالجاد والحاسم منها للحظات الجادة والحاسمة
, ويترك للمشاهد مساحة للاستفسار والسؤال , عادة الجزء الافتتاحي من افلام هذا الرجل
تكون مخصصة لاختيار الاسئلة الصحيحة التي من المفروض طرحها , والجزء الاخير (وهنا تكمن
متعة هذه اللعبة) انه يريك اي نوعية من الاسئلة كان عليك ان تسأل , تماماً في تحفته
Exotica ، وان الحقيقة ليست شيئاً من
السهل او من المفيد اكتشافها , هي الشيء الوحيد الذي يخلط كل الاوراق , ويبدو في الختام
بعد كل الالعاب التي مارسها ايغويان مع مشاهديه , أن لا آسى على اللبن المسكوب .
0 التعليقات :
إرسال تعليق