كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 4.5/5
بطولة : مايلز تيلر ، جي كي
سيمنز
إخراج : داميان تشازيل (2014)
"عُمق الموسيقى الذي يفوق
الوصف هو سهل الفهم جداً لكن تفسيره مُتعذر للغاية , و هذا بسبب حقيقة أن الموسيقى
تولد كُل عواطف وجودنا الأعمق , تجسد ألم يبعدنا عن ألم , و تُظهر جوهر حياتنا و
جوهر أحداثها من دون أن تكون هذا أو ذاك !" .. شوبنهاور
ما الذي يلزمك لتكون أفضل الأفضل ؟! ، أن تساوي بين أهمية شغفك بشيء
ما و بين التضحية بكل شيء آخر من أجل تحقيقه ؟ ، الفلم المُقتبس عن سابقه القصير
يؤكد أن الإجابة الوافية على هذا السؤال مُستحيلة , رُبما تكون أشبه بمُتلازمة من
عدة أمور تنحصر بين الإغواء و اللامبالاة , بين النوم و اليقظة , بين الإيقاع و الحركة
، هكذا هو عمل المُخرج الشاب داميان غازيل الروائي الطويل , يعمل كأوركسترا مشاعر مُضطربة و
خيالات حقيقية , يُمسك بزمام الأمور رغم ميله للتشعب في طرح مضامينه و التقلبات
المزاجية التي يطرحها بها و يحقق فلماً يشبه المتاهة النفسية التي نراها مرتسمة في
كُل صورة دون أن يتوه فيها.
محور العظمة لكل شيء في هذا العمل المكتوب بعناية و المُحقق بجودة
أدائية عالية تكمن في كونه لا يحيد عن الحبكة قيد أنملة , يلتزم التناوب بين تلميذ
في القمة و أستاذ لا يُريده أن يُدرك ذلك , لا يخرج عن حيز الإطار الذي يجمع كليهما
معاً في كُل مشهد يحتوي أكثر من شخص و آلة , لا نرى فيه غير طموح عازف الإيقاع
الذي يُجبره السير على الحد الفاصل بين انهيار الذات أو انهيار الحلم و سلوك
المايسترو السادي الذي يحاول سحب البساط من تحت قدميه كُلما بلغ من همة تحقيق حلمه
أشدها!
غازيل يُخضع فلمه هذا
لفترة حضانة كامنة و دراسة مُكثفة لفسلجة و سيكولوجية شخصيتيه مُتناقضة الظاهر و مُتشابهة
المضمون , يُطلق العنان لحالة غريبة غامضة شبه هلوسية نابعة من الديدان الدماغية
التي تتغذى على بؤس أحدها و تُغذي جنون العظمة الذي يسكن الآخر , و أخيراً يُحصن
جسد عمله الرائع هذا بمناعة مشهدية تجعله أكثر صموداً في وجه اتلافات العمر القصير
الذي خرج فيه و تشوهات الزمن الذي سنتذكره فيه للأبد.
(ويبلاش) فلم أكشن حيث تتقاتل فيه قوة الإرادة و تحقيق الهدف في
معركة غير مُتكافئة , فلم أثارة ذو طابع انتقام حاد و هوس صادم , و أخيراً فلم
يملاً القلوب رُعباً بتجسيده لرهبة الاحتجاز داخل زنزانة وجوب الموازنة بين
الأثنين و محاولة التحرر من قوقعة الاستحواذ الكابوسي الذي يفرضه علينا حلمنا
الأثير و يدفعنا به الى الهاوية .
0 التعليقات :
إرسال تعليق