كتب : مصطفى فلاح
التقييم : 2.5/5
بطولة : ما دونغ سوك ، كيم يونغ مين
إخراج : كيم كي دوك (2014)
يجسد فلم كيم كي دوك , المخرج الكوري الأكثر شهرة و جدلية , الأخير
منهجيته على أن تسير مجريات عمله السينمائي عموماً كإنعكاس دقيق لعملية الإستهجان
التي يُمارسها إزاء الكثير من التجارب المؤلمة في واقع يُعاصره كل يوم ، في عالم
لا يحكمه القانون , و يحكمه القائمون عليه , يبدو أن دوك لا زال يصنع قانونه الخاص
في خلق العدالة ، هنا هو يجعل من غضبه جزءاً منه و من صيرورته حتى , لا يقترح
حلولاً جذرية بقدر ما يرسم تصفية حسابات و يلتمس راحة بال لما مضى به أبطاله و هو
منهم في رحلاتهم المضنية , يحاول التمرد لمرة أخيرة بقلب السحر على الساحر بشكل مُباشر
جداً ، و بشع جداً .
دوك يصرخ باللا أنتماء علانية في هذا العمل ؛ فلمه معجون بالعُنف,
عُنف ناتج عن عجز, عن فقر, عن الشعور باللا أمان , و عن أنعدام الثقة بالقانون ,
يضع حفنة من المظلومين في مكان مُوحش تسكنه الوحوش , ثم يضع على رأسهم قائد تملّكه
كل الغضب في بدأ عملية الإقتصاص من قاتلي أحد أفراد أسرته - من الذين يمتلكون
حصانة تمنع أي أحد من المساس بهم - فينجرف الجميع في دوامة الإقتصاص من الجميع (و
هذا ما يرمز له عنوان الفلم) ، بفضل تيمة الفلم الأساسية , تصويره الصارم , و
دقائقه القاسية التي ترمي بنا معهم في مكان الحدث دونما رأفة أو التفكير مرتين بعواقب
ضرب النار بالنار , نشعر بمعاناة شخصياته الضعيفة و هي في موقع القوة , مخاوفها من
أن تلبس رداء الظالم يوماً , و سعيها في أيجاد المُبررات على تصويب فعل القصاص هذا
و جعله عادلاً!
فى التحليل الأخير , فإن الفلم برسائله الضمنية (صراع الطبقات ,
الواقع السياسي المُضطرب) كان أشبه بمجموعة مشاهد رتيبة مُكررة إختلفت فيها
وسيلة التعذيب و تنامت معها بوادر نكران الذات من ذاتها و المُجتمع التي تنحسر فيه
؛ و بالرغم من أن لكل منها ثقله الخاص في زيادة الضغط و رفع وتيرة التشويق , لكنها
في الرؤية الكلية تفتقد البؤرة الدرامية التي تجعل من المشاهد شريكاً في إستخلاص
الحلول البديلة و من هذه الرسائل منبعاً لما يُثير إهتمامه و يشحذ طريقته في التفكير
و التدبير ، و هذا هو ما إفتقدته كثيراً , لم أجد ذلك الوتر الذى يربط الأجزاء
معاً , و لذا جاء الفلم في محصلته النهائية أقل من مجموع أجزائه ؛ و مع أن
السيناريو لا يتمتع بشخصيات مثيرة للأهتمام فعلاً , و لا يُقدمها على نحو مؤثر أو
مُختلف مع تقدم الفلم , ألاّ أن المشهد الختامي يحتفظ بتأثير خاص يشفع بعض الشيء
لغاية المخرج الموجعة للقلب في ذلك .
0 التعليقات :
إرسال تعليق