كتب : محمد السجيني
التقييم : 5/5
بطولة : مات ديمن ، بن آفلك ، روبن ويليامز
إخراج : غاس فان سانت (1997)
تدور قصّة الفيلم حَول ويل هانتنج الشاب الفقير الذي يقضي وَقته في
التسكُّع مع رفاقه ، وينتقل من مُشكلة الي أخرى و من سِجن الي آخر ، يمتلك ويل ذكاءً مُبهراً و يحفظ
اشعار شكسبير
و يعلَم الكثير عن نظريات المدارس في الرَسم ، لكنّه لا يلقي بالاً لكُل هذا و يعيش
بلا مُبَالاة ، تتطوّر الأمور عندَما ينجح في حَل مُعادلة صعبَة وضعها بروفيسور في
جامعة هارفارد ، يستغل نفوذه و يُخرجه من السجن ليعمل معه و يعرضه علي الطبيب
النفسِي المُتقاعد شون مجواير و يقوم بدوره الممثل الكبير روبين ويليامز .
علي الورق الفيلم مُبهر جداً ، هُناك موازنة لا تتكرّر بين المشاكل
التي يعيشها ويل و بين علاقته بما حوله و نظرته للحياة ، يمزجها بروح كوميدية خفيفة
مع مسحة عن ماضي ويل او تحاربه مع العائلة ، فان سانت ينفذ ذلك بشكل مُبهر علي الشاشة ، فمُعظم
هذه الأعمال اما تصبح دراسة مُجرّدة عن الوحدة والمشاكل المُجتمعيّة بشكل هجائي
بحت ، واما تُصبح عملاً رثائياً شديد العاطفية ، او تُصبح عملاً ساخرًا يعرض أزمة
شخص لا يستطيع التكيُّف مع ما حوله ، لكن فان سانت ينجح في تجاوز كُل تلك الفخاخ
ويجمع القدر المُناسب جداً من كُل شيء
.
وعلى صعيدٍ أكثر تركيزاً ، يتعامل النص مع شخصيّة ويل بذكاء شديد ، يحُيط ويل بهالة خفيفة من الغموض خصوصاً في فلسفته و عبقريته ، لكنّه يكشف تدريجياً دوافع ويل العنيفة تجاه العالم و خصوصاً الاطبّاء ، تمرّده علي كل شيء نابع في الأصل من شعوره بالرفض في مُجتمعه ، ويظهر ذلك جليّاً في علاقته مع جيرالد و شون فيجدها فرصة للتنفيس و التمرُّد ، شون نفسه الذي فقد امرأته وصديقه يجد في ويل مرآة لنفسه فيُصر علي مساعدته حتى آخر نفس ، مُتتابعة عظيمة تمنح العلاقة بينهما مذاقاً تكامُليّاً لم أر له مثيلاً في مُشاهداتي و يزداد بريقاً مع كُل مشاهدة.
هذا الفيلم درس حقيقي عن الفارق بين أن تعيش شيئاً و أن تقرأ عنه ، فيلم عَن ادرَاك الذات ، و عن الحَاجة لايقاف تَدمير الذات ، فقط بمعرفة قيمتها الحقيقيّة ، لوحَة سينمائيّة عن البدَاية ، و عن انّنا نحنُ من يقرّر ، انحصل عليها ام نتخلّي عنها ؟ هذا واحد من أقرب ما شاهدت الي قلبي علي الاطلاق .
0 التعليقات :
إرسال تعليق