كتب : أحمد أبو السعود
التقييم : 4.5/5
بطولة : أديل إكزاركوبولوس ، ليا سيدو
إخراج : عبد اللطيف كشيش (2013)
في اللقاء الجنسي الأول لأديل على الشاشة
يسترسل المخرج طويلاً في تفاصيل اللقاء الجنسي نفسه في حين أن ما كان يُراد من
اللقاء نفسه هو تلك النظرة على وجه أديل بعد إتمام اللقاء
، و في اللقاء الجنسي الأول لها مع إيما يسترسل المخرج
ثانية في تفاصيل اللقاء نفسه في حين أن ما كان يُراد من اللقاء نفسه هو تلك النظرة
على وجه أديل بعد إتمام اللقاء !
تتابع الكاميرا طيلة أحداث الفيلم أديل ؛ و هي تأكل ، و هي نائمة ، و هي تضحك ، و هي تبكى ، و هي تتعلم ، و هي تمارس الجنس ، تلتقط دواخلها و هي تستكشف بنفسها تلك الدواخل ، أفلام قليلة جداً ارتكزت على انفعالات شخصية واحدة طيلة 3 ساعات و خرجت بهذا الجمال و العفوية ، كل فعل و كل رد فعل مرجوع أثره أو نتيجته بالكامل على أديل ، لا يتبنى الفيلم أحداثاً أو أفكاراً كبيرة ، هو بكل بساطة و تلقائية يتابع مراهقة و هي تستجيب بكل خجل و طبيعية مع دواخلها الجنسية ؛ مع حلم جنسي يراودها ، مع لقاء جنسي مع مراهق مثلها ، مع عادة سرية تمارسها ، يتبع الفيلم أبسط الطرق الممكنة درامياً و بصرياً فى بناء عالم شخصيته ، يستجيب المخرج بكل تلقائية مع براءة شخصيته و براءة أفعالها و ردود أفعالها ، عندما تطبع مراهقة زميلة لأديل فى الدراسة قبلة على شفتيها لا يسترسل السيناريو كثيراً في رد فعلها حيث يأتي الرد بكل عفوية في اليوم التالي بأن تطبع أديل قبلة و عناق فى منتهى الصدق و البراءة لزميلتها تلك ، و حتى الطريقة التي فرضت أديل نفسها على إيما كانت مدفوعة ببراءة تلك المراهقة التي تكتم بداخلها ذاتها الحقيقية .
يأتي الأزرق هنا كاختيار لونى للأحداث في منتهى الذكاء ، فالسيناريو يدخل مباشرة مع شخصيتيه الرئيستين فى تفاصيل علاقتهما معاً ، و حتى تمهيد ما قبل العلاقة كان لفرش أرضية مناسبة للشكل الذى اتخذته العلاقة بينهما طيلة أحداث الفيلم بعد ذلك ، يأتي الأزرق هنا كتعبير رائع عن الاختلافات النفسية بين الشخصيتين ، فاللون بالنسبة لأديل هو تعبير داخلي عما تبحث عنه من دفء و استقرار في ميولها الجنسية و العاطفية ، لذا يظهر مثلاُ فى لقاءها الأول مع زميلها في الأتوبيس حيث دار أول حديث بينهما و لكنه يختفى تقريباً فى لقاءهما الجنسي ، الأزرق موجود في القبلة التي طبعتها زميلتها لها على شفاها ، الأزرق هو ما جذب أديل لإيما ، و الأزرق متواجد بكثافة فى لقاءهما الجنسي الأول ، داخل عالم أديل دائماً هناك الأزرق ، لكنه بالنسبة لإيما فهو مرحلة ، أو حالة تمر بها ، الأزرق هنا يُظهر التباين الواضح بين مراهقة تستكشف ذاتها و بين شابة لها من الحياة خبرات كافية ، و يظهر ذلك الاختلاف مبكراً جداً فى بداية تعارفهما عندما ذهبت أديل مع صديقها إلى نادى ليلى كان الأزرق هو المسيطر على هذا المشهد ، لكنها عندما تبعت إيما إلى نادى آخر اختفى اللون الأزرق كلياً من المشهد باستثناء ملابس أديل و شعر إيما ،، و يبدأ ظهور تأثير ذلك الاختلاف بين الشخصيتين عندما تتخلى إيما عن اللون الأزرق ، هنا تشعر أديل بالقلق و مدفوعة ببراءة عواطفها و حداثة تجربتها تقيم علاقة جنسية مع شخص آخر ليكون رد فعل إيما بنضوج تجربتها و وضوح خطواتها فى الحياة اتخاذ قرار نهائي بالانفصال ، متابعة ظهور اللون و اختفاءه من المشاهد توضح بطريقة جمالية الخط النفسي الذى يسير عليه الفيلم .
ما يعيب الفيلم قليلاً هو الاسترسال المُبالغ فيه في المشاهد الجنسية كما وضحت فى بداية المقال حيث لم تُضف للفيلم و لكنها لم تنتقص كثيراً من قيمته الفنية العالية .
و ختام المقال مسك و ريحان : أديل إكزاركوبولوس و ليا سيدو
0 التعليقات :
إرسال تعليق