كتب : فراس محمد
التقييم : 4.5/5
بطولة : جيمس كان ، روبرت دوفال ،
شيرلي نايت
إخراج : فرانسيس فورد كوبولا (1969)
يتحدث كوبولا عن الناس المصنوعين من مياه المطر , عندما يبكون فإنهم
يستنزفون انفسهم ، السؤال عن الذي قدمه كوبولا قبل العراب كالسؤال عما قدمه كوروساوا قبل راشمون او انتونيوني قبل
المغامرة او سيدني لوميت قبل 12 رجل غاضب ، ليس فقط للمس جانب آخر من هؤلاء المخرجين بل للمس
الجانب العبقري فيهم , من اين اتت هذه العبقرية , قبل ان تتكرس في الاعمال المذكورة
اعلاه والتي قطعا لم تأتِ من فراغ أو على سبيل الصدفة .
كوبولا يقدم في فلمه نوعية
من العلاقات التي تبدو طبيعية , والتي نشأت بسبب قرار واضح ملتزم وإلا فإن علاقة
كالعلاقة الزوجية التي قدمها ليست سوى اضاعة للوقت ، يقدمها لتبدو اكثر عمقا
وتعقيدا مما تبدو وهي كذلك , فهي اساس بناء حياة قد تستمر وقد تمر بالكثير من
المنعطفات ، هذه العلاقة قدمها بالشكل الذي يقوضها قلة الالتزام , لذلك بدأ كوبولا
العلاقة من نهايتها , نتالي تستيقظ , تترك رسالة تعلم زوجها بالمغادرة – لتكون حرة
لبعض الوقت – وتستقل سيارتها في نهار سبقته ليلة ماطرة ، اتصلت به وقالت : "لست على استعداد لكي
اكون أماً ، ولا اعرف إن كنت على استعداد اصلاً لأن اكون زوجة" ,
وتبدأ رحلتها التي كانت السبيل الوحيد لأفهامها ما معنى الالتزام , التزام يشبه
الذي فُرض على غلوريا في فلم كازفيتس الحائز على اسد فينيسيا ، تلتقي بالصدفة برجل يطلب منها توصيلة , ولكنه التقاها
في الوقت الذي انتهت لديه ايضا مرحلة من حياته , ، هذا الرجل لاعب كرة قدم ضخم –
قدمه في دور لا ينسى جيمس كان – لكنه تعرض لحادث افقده شيئا من وعيه وادراكه , فكان
رجلا ضخما بعقل طفل صغير , يبدو كما لو انه حيوان أليف , وهذا هو الالتزام الذي
فُرض عليها , انها لم تكون قادرة على ترك رجل / طفل غير قادر على الالتزام بنفسه ، غير قادر على
الاحتفاظ بمال التعويض في جيبه دافئا , كان عرضة لكل شيء تخشى ان تتعرض له .
التجربة كما يراها كوبولا – كاتب ومخرج ومنتج الفلم – هو المعنى الحقيقي لفهم
المصطلحات النظرية في اي علاقة , الالتزام , الحب , و جيمس كان قدم تلك
النوعية من الشخصيات التي تحتاج لكل انواع الالتزام .
كيلر – جيمس كان - شخصية لا
يمكن ان تنسى , هذه الشخصية لا يمكن في حال شاهدتها إلا ان تحفر في ذاكرتك , يثير
نوع غريب من العاطفة لدى المشاهد , فهو غير مدرك لكنه ليس مجنون , لا تبدو عليه
علامات الغباء , جسمه الضخم وطريقة تعامله مع الاهانات التي توجه ضده تثير الشفقة
تجاهه ، رسم ملامح هذه الشخصية بهذه الطريقة هو اقوى مبرر قدمه كوبولا لناتالي
ليُفهمها معنى الالتزام ولإجبارها عليه ايضا , وعن طريق هذه الشخصية عممت هذا
المفهوم على حياتها تجاه طفلها الذي لم يولد بعد , تجاه زوجها , وتجاه هذا الرجل
الطفل ، هو الشيء الذي يمكن ان تتصالح معه , كلما كان عبئا كلما كان الالتزام به
أكبر .
0 التعليقات :
إرسال تعليق