التقييم: 5 من 5
بطولة: حسين سابزيان,محسن مخملباف
إخراج:عباس كياروستامي (1990)
الحكايات الصغيرة التي لا تهم أحداً في العالم, الحكايات الصغيرة التي تتكرر كثيراً لكنها أصغر من أن تُحْكى, ربما لذلك نظن أنها تحدث لنا نحن فقط, تلك الحكايات التي لا تعترف باللغة و العادة و المرجعية و العِرْق و الثقافة, هي تقترب غالباً من طفولتنا بشدة لذلك نميل جميعاً أن نتعامل معها بالطفل الذي بداخلنا, نفهمها -فقط- لأننا لا نكبُر و لأنها لا تكبر كذلك, و لأن كياروستامي يعرف عن ماذا يحكي تماماً .. فإنها تصبح حكايات عظيمة.
كل ما أعرفه عن السينما, كل ما قُلْته عنها و كلّ مَا تَغَزّلتُه فيها, حسين سابْزِيان يتكلم عنه, عن الشغف و الحب و الانبهار و الامتنان, عن الفيلم المفضل و الرغبة في صناعة الأفلام, المواضيع التي يريد أن يحكيها , الأفلام التي يحبها, المخرج الذي يريد أن يقابله, حسين أبسط, أبرأ, أوضح من أن تختلط مشاعرك تجاهه, حسين هو ثانِ أقرب شخصية سينمائية لي, و لأننا جميعاً نتشابه, هنا على الأقل, فإن حسين يتكلم نيابة عنّا جميعاً, حسين يجيب عن سؤال أبي, و مُعَلِّمَتي, و صديقي, عندما يرفعون أبصارهم بسؤالهم الأصعب عن السينما, و عندما يختلط في وجداننا الحماس في الحديث عنها بالخوف من عدم التصديق و قلة التفهّم, و يتشابك التبرير بتلقائية حبنا للسينما, يبدو حينها فيلم عباس كالإجابة النموذجية, لا تحتاج بعدها إلى توضيح, كل ما يمكنك أن تقوله بعدها, "أنا حسين..أنا عباس".
حينما لا يبدو الواقع مكاناً ملائماً لحسين لأن يصبح فيه شخصاً مهماً, يقرر أن يتقمص –عن اقتناع و حب و جدارة- شخصية مخرجه المفضل ,محسن مخملباف, يذهب بهذا الادّعاء البريء لأسرة إيرانية متوسطة, لا لشيء, إلا لأنه يحتاج لمن يشاركونه هذه الفانتازيا الجامحة, ينسى الذنب في مقابل الحلم, و يتماهى مع الحب الطفولي في مواجهة الواقع, ليعطي لكياروستامي مادة فيلمه الأعظم, و لا يتعامل كياروستامي مع حسين بعادية سينمائية لا يعرفها, بل ينقل لنا تلك الحكاية في أصغر ملحمة سينمائية ممكنة, تختلط فيها اللقطات التوثيقية بالروائية, و الحَكْي المُعدّ مسبقاً بالارتجال, و ما هو ممكن بما هو غير ممكن, و كما أفعل الآن, يعوّل كلانا- أنا و عباس- على صدق ما أقول و يقول حسين عندما أكتب أنا و يخرج عباس ....هذا فيلم صنع ليبقى في قوائم المفضلات العشرة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق