كتب : محمد المصري
التقييم : 4.5/5
بطولة : جورج أوبراين ، جانيت
جاينور
إخراج : إف. دبليو مورناو (1927)
أُحبُّ أحياناً التعامل مع السينما باعتبارها كائن حَيّ ، تطوّر عبر عدّة
عقود ، و تُشكّل بعض الأفلام "فتوحاً" حقيقيَّة في سبيلِ هذا التطوّر ، و
مُتابعة الأمر من البداية و تلمُّس تلك اللحظات التي بدأت فيها السينما تَسير خطوة
جديدة نحو الشكل الذي نعرفه عليها اليوم يَجعل من تقديرِ أفلاماً من قبيل The Birth of a
Nation ، The Cabinet of Dr. Caligari ، Battleship
Potemkin ، Metropolis على سبيلِ
المثال حَتميَّاً و خارج أُسس التقييم العاديّة ، تِلك الأفلام لم تكن أهميتها فقط
في ذاتها ، و لكن في كونها قد دفعت بالسينما خطوة للأمام ، ومِن ضمن هذه الأفلام أَضع
فيلم مورناو هذا .
مورناو كان قد أثبت نفسه واحداً
من أهم مُخرجي التعبيريّة الألمانية في السينما بعد ثلاثة من أفضل أفلام تلك المرحلة : Nosferatu – 22 ، The
Last Laught – 24 ، Faust – 26 ، وهو
ما كان دافعاً لاستقطابه في هوليوود كي يُقدّم فيلمه هذا و يجعل نفسه رُبما أهم مخرجي
التعبيريّة على الإطلاق .
قَصة الفيلم شديدة الميلودراميّة لَيست هي المهمة هُنا ، أهمية الفيلم
تنبع في نظري من جانبين ، الأول : أنه قد يكون أعظم ما وصلت إليه المدرسة التعبيريّة
من ناحية الصورة ، يَحملُ بضع مشاهد شديدة الأيقونية ليسَ من الصعب تلمُّس تأثيرها
بعد ذلك حتّى حينَ نَطَقت السينما ، مَشاهد القارب ، ومشاهِد المدينة حصراً ، المَزج
بين لقطتين ، التكوينات البصرية واستخدامات الإضاءة ، وكذلك بالطبع مشهدِ العاصفة العظيم
، كلها أشياء تجعله ذروة أفلام المدرسة التعبيريّة في رأيي و في رأي الكثيرين .
الجانب الثاني في أهميّة الفيلم يأتي من تصويره ، كَيف أتاح الفيلم لآلافِ
الأفلام من بعده استخدام الكاميرا لتصوير لقطات مُتحرّكة و ليست فقط ثابتة ، شيء كان
سيحدث عاجلاً بالتأكيد ، و لكن مورناو مَنح نفسه الأسبقيّة عبر طموحه في أن يكون فيلمه
الأول في هوليوود يحمل الكثير من الأشياء المُختلفة ، وعن طريق مُصوّريه تشارليز روشر و كارل ستراس استطاع تنفيذ
عدّة لقطات فارقة في تاريخ السينما .
جاءَ هذا الفيلم في العام الذي عَدّه الكثير من النقاد أنّه الأعظم في
تاريخ هوليوود ، كان واحداً من ذرواتِ السينما الصامتة ورغم ذلك لم يحقق أيّ من النجاح
الجماهيري الذي انتظره منتجوه لصدوره بعد شهرٍ واحد من إطلاق The
Jazz Singer الذي بدأ – فعلياً – عصر السينما الناطقة ، وكانت
تلك اللحظة فارقة بشدة : ميل الجمهور لفيلم ناطق متوسّط القيمة على حسابِ واحد من أهم
الأفلام الصامتة في التاريخ ، كان الأمر إيذاناً بنهايةِ مرحلة وبدء مرحلة أخرى .
0 التعليقات :
إرسال تعليق