الخميس، 4 مارس 2010

A Prophet

كتب : محمد المصري

التقييم : 4.5/5

بطولة : طاهر رحيم ، نيل آريستروب ، عادل بن شريف
إخراج : جاك أوديار (2009)

أكثر أفلام 2009 إرهاقاً أثناء المُشاهدة هوَ واحد من أفضلها مُنذُ لحظة انتهاءه ، يتتبع رحلة السّجين الفرنسي ذو الأصول العربية "مالِك الجبينة" والتحوّلات التي طرأت عليه خلال سِت سنوات بداخل السجن أصبح بعدها مُجرماً حقيقياً أخطر كثيراً من تِلكَ اللحظة التي دخل فيها إلى هُنا بريئاً رغم كُل شيء .

في أفضلِ سيناريوهات العام بنظري يُقدّم جاك أوديار دراسة سلوكيّة عظيمة لشخصية مالك ، يستهلك النّصف ساعة الأولى من فيلمه في بناء عميق لخلق تلك الشخصية التي ستصاحبنا بعد ذلك : البراءة التي بدا عليها عند دخوله عالم السّجن ، الضغوط التي تُفرض عليه من عصابة إيطاليّة تطلب منه قتل سَجِين عربي آخر ، محاولة الهروب العَنِيفة من طَلِبٍ كهذا ، شعوره بالحصار الكامل ، نهايةً بواحِد من أعظم مشاهد 2009 حِينَ يقتل السجين العربي فعلاً ويتغيَّر حينها إلى الأبد .

مالِك لم "يختر" الطريق الذي سار فيه ، بل أنه "فُرِض" عليه قدراً ، حَاول بكل السّبل أن يهرب منه ولكنه لم يستطع فقرر السير فيه إلى النهاية ، في المرحلة اللاحقة تُساير الشخصية واقعها الإجرامي الجديد ويَتتبع أوديار بهدوء – وعبر أداء مُحنَّك وناضج من طاهر رحيم - محاولتها التغلغل في هذا العالم الغريب وكيف يُصبح بطله أكثر ثقة وصلابة عبر كل دقيقة في تلك المرحلة ، خصوصاً مع الموازنة – الرائعة جداً – بين ازدياد قوّة ونفوذ مالِك من ناحية ، وبداية انهيار سيزار – زعيم العصابة الإيطاليّة بداخل السجن – من ناحيةٍ أخرى ، مالِك كان يُدرك أنه لن يستطيع أن يصبح قوياً في وسط هذا العالم دون الاعتماد على هَويّته وأصله العرقي لِذلك يَقترب من زملائه المُسلمين أكثر ، يحتمي بهم ويصبح "نبيّهم" – في مُباشرة لفظيَّة مُنتقدة - في هذا الواقِع الذي لم يختره ولكنه تماهى معه دون قُدرة حقيقيّة على تصالح كامل أو هروب كامل .

جاك أوديار في فيلمه الخامِس يُقدّم مَلحمة حقيقية شديدة العُمق ، يُراوغ فيها تِلك الجُزئية التي أعشقها عن صراع "المصائر" التي نُريدها و "الأقدار" التي تُفرض علينا ، عن تِلك الخيارات التي لم نخترها ولكنها صارَت واقعنا ، خادماً نصه – العظيم فعلاً - بثقل إخراجي لا يَقلّ تماسكاً يَمنح الكثير من التفاصيل واقعيَّة مُثيرة للإعجاب ، هذا واحِد من أفلامي الفرنسيّة المُفضلة خلال الألفيّة .


0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter