كتب : محمد المصري
التّقييم
: 5/5
بطولة
: ميكي رورك ، ماريسا تومي ، إيفان ريتشل وود
إخراج
: دارين أرنوفسكي (2008)
And now, I'm an old broken
down piece of meat .. and I'm alone. And I deserve to be all alone
يا الله على هذا الفيلم ! ، في كُلَّ مرّة أُشاهِد
فيها تُحفة أرنوفسكي هذه أتذكر إليا كازان وتيري مالوي ومشهدهم العظيم عن هؤلاء الذين أرادوا أن يُصبحوا (شيئاً) ، في مرثيّته
الأخيرة يتناول "دارين أرنوفسكي" مَرحلة أفول نِجم المُصارع راندي روبنسون
بعد عشرين عاماً مِن تِلك اللحظة التي وصل فيها إلى قمّةِ مَجده ، يبدأ فيلمه بإفتتاحيّة
ذكية تُوجِزُ كُل مَجد الماضي وبطولته حَصْراً ثُمّ يَصدمنا – مع نهاية التترات – بِسُعالِ
بَطله وزاويَة تصوير مُنخفضة - ومُعبّرة جداً – تجعله في نهاية الكادر وحيداً .
أرنوفسكي ومنذُ البداية يملأ فيلمه بالكثير والكثير
مِنَ الشّجن ، ذَلك النوع من الحُزن الذي نَشعره ونكاد نتلمسه حتى لو لم يَكُن على
السطح ، ذَلك الحُزن الكامِن في وحدة بطله وتفاصيل حياته الصغيرة ومحاولته التغلُّب
عليها أو التصالح معها مهما بدت قاسية ، ومع إصابته بنوبَةٍ قلبية بعد مباراة عنيفة
للغاية يبدأ مُنعطف الفيلم الأهم في محاولته لإيجاد فرصة أخرى – ربما أخيرة كذلك –
نحو (معنى) حقيقي لحياته عن طريق علاقته بابنته التي تركها صغيرة وراقصة
التعرّي التي جَمعه بها حُب / اهتمام من نوعٍ شديد الخصوصية ، ولكن ما اعتاد عليه وعاش
لأجلِه كان أكبر من أن يتخطاه في بداياته الجديدة ، فيرتكب نفس الأخطاء التي ارتكبها
في الماضي ويعود للمكان الوحيد الذي احتواه حين لم يهتم العالم بأمرِه .
دارين أرنوفسكي يٌقدّم هُنا أفضل أفلامه في نظري ، أكثر نُضجاً
وصدقاً بكثير مما كان عليه من قبل ، مُعتمداً على تفاصيل و أداءات وبساطة تَمس القلب
أكثر من اعتماده على "ستايل بصري" ، تَشعر به قريباً من بَطَلِه ومُستشعراً لآلامه
للدرجة التي تُجبرك في كُلّ لحظة على التعاطف معه رغم كل الأخطاء التي ارتكبها ومازال
، ساعده على ذلك أدائين رائعين جداً من ماريسا تومي وإيفان ريتشل وود وأداء آخر "عظيم" – ولا شيء
أقل من ذلك – من ميكي رورك ، ميكي رورك هوَ روح هذا العمل ، يَمنحه كُل صِدقه وشجنه وشحنته العاطفية
عبر لحظات ومشاهد لَن تُنسى ، يحمل فيها ألم السنين ووهن الجسد على كتفيه ويعبر بالكثير
من العمق عن كل آلامه الشخصية التي خاضها يوماً بحثاً عن (قيمة) مفقودة و
(ذات) لم تجد نفسها إلا بين صيحات المتفرجين ، هُوَ أفضل أداء غير
فائز بالأوسكار في الألفية بالنسبة لي وضمن صفوتها عموماً ، وربما ستظل المُخيّلة لوقتٍ
طويل تربط بين ملامح "رورك" وصوته المبحوح ونظرته الحزينة وبين كُل ما له علاقة
بالوحدة وقسوة الواقع وأفول النجومية والفرص الأخيرة التي نُضَيّعها فَيضيع بعدها كُل
شيء .
0 التعليقات :
إرسال تعليق