الأربعاء، 2 يوليو 2014

Match Point

كتبت : فاطمة توفيق

التقييم : 4.5/5

بطولة : جوناثان رايس مايرز ، سكارلت جوهانسن
إخراج : وودي آلن (2005)


في فيلمه الذي يعتبره هو الأفضل بين أفلامه كلها ، يقدم وودي آلان نظرة جديدة للنفس البشرية ، ولأحكام القدر وكيف تتحكم الصدف والحظ في الحياة.

فما بين الحب ، والرغبة ، والطموح يوضع مستقبل الشخصية الرئيسية في الفيلم كريس ويلتون على المحك ، فكريس الذي لعب الحظ كثيراً في حياته وجعله رجل أعمال متزوج من امرأة ثرية بدلا من لاعب تنس فقير ووحيد، يقع تحت تأثير نولا الجميلة ، المخطوبة سابقاً لأخو زوجته ، والتي كانت قد تكونت بينهما علاقة سريعة أثناء خطبتها تلك وانتهت ولكن سرعان ما عادت العلاقة للتوهج مرة أخرى بعدما قابلها "صدفة" مرة أخرى في أحد المعارض.


نولا نفسها والتي تبحث عن وظيفة كممثلة تبدأ بها حياة نجوميتها ، كانت قد قابلت خطيبها السابق "بالصدفة" ، وبالتبعية التقت بكريس "بالصدفة" أيضاً سواءً في المرة الأولى أو الثانية ، ليكون ذلك مسار تغيير في حياتها ، ليس فقط مسار تتحرك فيه الحياة وإنما أيضاً تنتهي من خلاله.

من خلال هذا الوجود القوي للصدف في الفيلم والدور الذي تلعبه في التحكم في أحداثه ، يطرح آلان مثالاً قوياً عن غياب العدل في هذه الحياة ، مثالاً عن غياب التحكم الخفي للأقدار والتي تفرض الثواب والعقاب ، بإمكان المرء أن يفر بفعلته أو يكتسب المزيد من النقاط كما في لعبة التنس مثلاً دون وجود تبرير لهذا ، ودون وجود عقاب أو عدل يزن كفة الأمور ولو قليلاً.

ومع ذلك ، وعلى الرغم من نظرتنا لكريس و نولا كمجرمين بحق كلوي مثلاً ، إلا أنه ولو ركزت قليلاً ستجد أن حتى كلوي نفسها وهي الضحية هنا فهي مخطئة ، إن لم يكن في حق أحد ففي حق نفسها منذ البداية ، فهي تحكم السيطرة على عالمها ، تجعله فقط كما تريده هي ، غير مستجيبة لأي إشارات أو مؤثرات خارجية ، تستند على أموال والديها وفقط لتجعل من عالمها مؤمّناً ضد كل ما لا تريده و تخاف منه أو تهرب من مواجهته ، إن كان كريس قد أخطأ في خيانته لها بشكل غير مبرر لأنه لا يوجد ما يستند عليه في خطأه ليبرره ، فإن كلوي قد بررت لنفسها أخطائها - التي قد لا تراها هي - فقط بأموال والديها ، الأموال التي إن لم تكن موجودة ، لم تكن كلوي ستجد شيئاً لتستند عليه ، ربما نستطيع رؤية مايعرضه وودي آلان هنا من رؤية مختلفة عن تفسير الأخطاء التي يبررها الانسان لنفسه حتى وإن كانت غير واضحة ولا يلتفت إليها لمجرد وجود عوامل أخرى مضمونة بالنسبة له، وهو فقط وجد تلك العوامل المضمونة بالصدفة في حياته ، واعتمد عليها ليبني حياته ويبرر أخطائه من خلالها ، وكأن وودي يدعو لإعادة النظر في أصل الأشياء قبل اتخاذها ذريعة لتبرير الأخطاء/الأفعال عموماً.

ربما كانت الضحية الوحيدة البريئة تماما في الفيلم هي جارة نولا ، والتي تم أيضاً قتلها "بالصدفة" البحتة.

تجربة وودي آلان هنا - والتي تبناها من الجريمة والعقاب لديستوفسكي وقدمها بشكل مختلف قليلاً من قبل في فيلمه Crimes and Misdemeanors عام 1989 - تختلف عن باقي تجاربه في كونها واضحة الأحداث والمعالم ، ليس هناك الكثير من الحوار الذاتي مع النفس أو الأسئلة القلقة ، الأسئلة فقط هنا هي ما يطرحه عليك آلان من أحداث وخطوات قوية تتخذها الشخصيات في مواجهة الحياة ، كما أن إدارة آلان لممثلين شباب ، لم يقدموا أدواراً عظيمة من قبل وهو المخرج ذو السمعة العريقة ليقدموا تلك الأدوار بهذه الحنكة المناسبة لفيلم كهذا تجعل الفيلم تجربة مميزة ومفاجئة بالنسبة لك كمشاهد.

في النهاية يقول وودي عن الفيلم بأنه الفيلم الأفضل بين أعماله ، وقد اجتمعت كل عناصره الجيدة "بالصدفة" ، حيث يقول بأنه يحاول طوال الوقت حينما يصنع فيلماً بأن يجمع العناصر الجيدة فيه ولكنه ينجح في بعضها ويفشل في بعضها الآخر ، إلا أنه في هذا الفيلم تكاملت فيه العناصر الجيدة بشكل مفاجئ وغير متوقع تماماً من حيث الممثلين والتصوير والموسيقى الكلاسيكية التي اختارها آلان لتضفي على الفيلم لمسة من العظمة والرهبة تناسب ما يطرحه الفيلم من بحث في الأقدار والحياة ، والأهم من ذلك السيناريو والذي غيره آلان مرتين ، مرة ليناسب انتاج الفيلم في لندن بدلاً من أمريكا ومرة لتغيير البطلة لجعلها أمريكية (سكارليت جوهانسن) بدلاً من كيت وينسلت التي اعتذرت عن أداء الدور.

0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter