كتب : محمد السجيني
التقييم : 5/5
بطولة : كلينت إيستوود ، هيلاري سوانك ، مورغان فريمان
إخراج : كلينت إيستوود (2004)
من بين كُل مُخرجي
السينما الأمريكيّة ، لا يُوجد مثل ايستوود في تقديمه لـ "الوَحشة" علي
الشاشة !
يحكي الفيلم قصّة ماغي فيتزجيرالد الإنسانة الفقيرة
التي عَاشت سنواتها الإحدى و الثلاثين على هامش الحياة نادلة ً في مطعم وضيع ،
وداخلها حُلم أن تصبح مُلاكمة محترفة ، حلم غريب و لا يراه أحد سواها ، فتجمع
عزيمتها في أحد الأيام و تنجح بعد محاولات شاقة في إقناع المدرب الخبير فرانكي دن بتدريبها ، لتبدأ شق
طريقها نحو اللقب العالمي بسرعة و كفاءة نتيجة المهارة العالية التي تمكنها من
الإطاحة بمنافساتها في الجولة الأولى غالبا ً ، و بينما تنحى الأحداث نحو المثالية
و أثناء خوضها النزال الحاسم أمام بطلة العالم الملقبة بالدب الأزرق ، تسقط ماغي مُصابة بضربة غادرة
من منافستها الشرسة , و تفقد على إثرها الوعي ، وتتطوّر الاحداث .
الفيلم الخَامس
والعشرون في مَسيرة المخرج كلينت ايستوود هو فيلم عظيم ، يبحث فيه - وبكل الشاعرية
المُمكنة - رحلة عن الامل والانكسار داخل نفوس مُتعبة طال بها الطريق ، وكعادة
الرجُل لا يلتزم بالصنف الذي يقدّمه اطلاقاً ، الرجُل هنا لم يقدّم فيلما رياضيّاً
عن المُلاكمة ، مثلما لم يقدّم فيلم ويسترن في 1992 او فيلم جريمة في 2003 ومثلما
لم يقدّم فيلماً حربياً في 2006 بعد حصوله علي اوسكار افضل فيلم ومخرج عن هذا
الفيلم .
يروقني هذا الرجُل في
جُزئيّة مزج "العلاقات" بين الأبطال مع "الاطار" العام
للنص ، هذا الرجُل عبقري عبقري عبقري في رسم حدود المآساة و الهروب من فخ الافتعال
والسذاجة ، في جَعل المُشاهد جُزء لا يتجزّأ من عمله ، فعلى وتر انساني رقيق
، يلعب ايستوود مقطوعة عظيمة ويرسم علاقة لا تتكرر بين ماجي و فرانك ،
مُلاكمة مبتدئة فقدت والدها ومُدرّب عجوز يفقد ابنته ، كلاهما يجد ما ينقصه في
الآخر ، علاقة تبدو صعبة التنفيذ علي الورق لكن ايستوود ينجح في
القاءنا داخلها وليس فقط كمشاهدين ، ينجح بنفس رجُل عجوز بلغ من العُمر عتيّاً
واصبح علي شفا حُفرة من الموت ، ولم يعُد يخشي أي شيء تأتي الموسيقي العظيمة التي
ألّفها بنفسه في أكثر اللحظات إحراجا ً و إثارة للمشاعر ، و ترتفع بحُزن كبير في
نهاية الفيلم مع شارة الختام كأنها ترسخ المأساة في نفس المتلقي أكثر و أكثر .
فتاة المليون دولار ليس فيلماً عن
المُلاكمَة بقدر ما هو قصّة رجُل عجوز بينه وبين الموت خطوَات ، أرهقته الوحدة ،
ويبحث عن سلامه النفسي في آخر ايّامه ، في رأيي الشخصي ، هذا هو اعظم افلام
هوليوود الالفيّة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق