كتب : بشرى محمد
التقييم : 4.5/5
بطولة : تيم روث , هارفى كيتيل , مايكل مادسن
اخراج : كوانتن تارنتينو (1992)
كثيرة هى المشاهد الافتتاحية العظيمة , ولكن بالنسبة لعمل اول , افتتاحية كوانتن تارانتينو هاهنا هى الاعظم على الاطلاق ، ثمانية رجال من ذوى البذات الانيقة ( نكتشف لاحقاً انهم مجموعة من اللصوص الذين يتأهبون للسطو على متجر للماس ) يتسامرون حول تفسير احدى اغانى مادونا و مايعرضه برنامج كي بيلي الاذاعى و دور المجتمع فى دعم النادلات !!! ، الحوار ، الروح الكوميدية ، الحس الساخر ، ثلاثة من مفضلاتى فى سينما تارانتينو يحتويها هذا المشهد , ولكن ما اود التحدث عنه هو حوارات المشهد ، فحوارات كهذه - بالاضافة الى حوار النادلة السوداء الذى سيأتى فيما بعد - لم تضيف للسيناريو "درامياً" مثقال ذرة , ولكنها فى ذات الوقت تحمل بداخلها جزء كبير من سحر الفيلم بأكمله ، تلك الحوارات - وحوارات تارانتينو بصفة عامة - تمثل حالة ابداعية خارقة للعادة ، لااعرف اى وحى هذا الذى يهبط بها , ولكنى مدين له بالشكر بعدد حروف هذه الحوارات .
بعد تلك البداية الهادئة , يـُـشعل تارانتينو فتيل الاثارة فى فيلمه عبر مجموعة من الاسئلة التى تلح على المــُـشاهد بقوة ، ماذا حدث بعد مشهد المطعم ؟ و هل هناك بالفعل واشى ام لا ؟ واذا كان هناك واشى فمن يكون ؟ ، فى تلك المرحلة من العمل - بالاضافة الى الاداءات التمثيلية الممتازة من هارفي كايتل فى دور مستر وايت المجرم المتعاطف , مايكل مادسن فى دور مستر بلوند المجرم المجنون - يبرع تارانتينو فى ازاحة الستار عن الجانب "الاعمى" من الاحداث , ويزيد شحن الاجواء اكثر واكثر من خلال تعاطف مستر وايت مع اصابة مستر اورانج , ثم بدخول شخصية مستر بلوند - فى اروع مشاهد الفيلم التقنية - لتلك الاجواء الملتهبة . بعد اكثر من منتصف الفيلم نتلقى الاجابات التى كنا نبحث عنها , ويقفز الى السطح سؤال اخير ، هل سينجو فريدى و مارفن من قبضة "الكلاب" ام لا ؟ لكن حينها يقرر تارانتينو ان وقت الاثارة "الحقيقية" قد انتهى , وحان وقت "اللعب" ، فلاش باك مطول يبعث الرجل من خلاله بتحيته "للممثلين" ، يمتعنا بحوار النادلة السوداء التى تشبه (كريستى لاف) , وبمشهد اعتراض مستر بينك على كـُـنيته المزيفة , وبالمونتاج الرائع فى سرده لقصة "الحمام" , ثم يعود الى المستودع مرة اخيرة ليمزج – مزج غير موفق هذه المرة - بين الاثارة واللعب من خلال تطورات النهاية "المجنونة" التى قاد احداث فيلمه اليها لالشىء سوى رغبته فى توجيه التحية لمـُـعلمه الروحى الاكبر سيرجيو ليوني (من خلال مشهد المواجهة الثلاثية المـُـستلهم من مشهد المواجهة الثلاثية بين الطيب و الشرير و القبيح فى رائعة الايطالى الكبير التى حملت الاسم ذاته) .
من مميزات تارانتينو التى تجلت هاهنا وفى Pulp Fiction تحديداً ، قدرته على قول اشياء "هامة" فى خضم كل هذا "التهريج" دون ان يقع فى فخ السطحية , وهو فى Reservoir Dogs - من خلال جزئية مارفن الذى كاد ان يلقى حتفه دون ان يفكر فى الكشف عن هوية الشرطى المتخفى بالاضافة الى ثلاثة مشاهد اخرى معبرة لفريدى - يرسل تحية حارة للشرطيين الشرفاء على كل مايفعلوه ويعانوه فى سبيل اداء الواجب المبارك .
0 التعليقات :
إرسال تعليق