الأحد، 4 يناير 2015

'71

كتب : مصطفى فلاح

التقييم : 4/5

بطولة : جاك أوكونيل ، سام ريد ، شون هاريس
إخراج : يان ديمانج (2014)

لن أستغرب ظهور هذا الفلم في العديد من قوائم المعنيين بالشأن السينمائي كأحد أفضل أفلام عامه لعدة أسباب , أهمها - و بكل بساطة - كوني لا أتذكر بأني شاهدت عملاً إخراجياً بهذه الثقة الكبيرة لصانع على أول الطريق مُنذ وقت بعيد .

يان ديمانج , الإنكليزي الجديد , يشن غارة سينمائية تُنبئ بوصول أحد الأسماء الكبيرة لكُرسي الإخراج , يُلغي كليشيهات السيناريو القليلة بمهنية صرفة , يجعلنا في حالة من التوحد مع قصة من أجل الخلاص و هو يزج بنا في عُمق حدث مشحون بقدر عال من التوتر الذي سيستمر تأثيره أطول بكثير من مدة العرض .

يُمكنك بسهولة أن تشمّ رائحة هذا الفلم في أعمال سابقة و لاحقة عديدة , و هنا لا يُمكنني التخلص من عقدة مُقارنته بفلم آخر جرت أحداثه في زمن مُقارب و على نفس أرض الحدث ، Bloody Sunday للإنكليزي صاحب بصمة الواقعية في رسم الصورة بول غرينغراس , و الذي يوشك أن يكون هذا الفلم نسخة أخرى منه في خلق ملحمة أوديسية في لملمة فوضى ما حصل , و إيجاد طريق خفي للتملص من مأزق محتوم ، يقوم فيه المُخرج بترسيخ مكانة عالية مُستحقة لممثل شاب واسع العينين و حاد النظرات من أصل إنكليزي بإسم جاك أوكونيل - بطل ثلاثة أعمال مُهمة في العام الحالي - بدور جُندي أعزل تُرك خطئاً خلف خط العدو في متاهة قط و فار نابضة بلحظات المُفاجئة التي لا ينأى كاتب النص في زرعها مع كُل مُفترق طريق .

ما أن ينتهي ديمانج من تقديم شخصيته في وقت قصير حتى يقلب الخط الذي يسير عليه بُعنف ، عندما نُشاهد الصياد يُصبح الطريدة بسرعة و دون تمهيد مُسبق , ليجري لاهثاً في البحث عن مفر يوفره لبطله الذي لم يعد يبدو خارقاً دون سلاحه , يوازن فيه بحذر بين إستدرار التعاطف ناحيته و بين تأييد مُطارديه , لا ينحاز الى أحد كفتي الميزان بل يعرض الوزن الحقيقي للموقعة التي أستمرت يوماً و ليلة من عُمر شخص لم يعد يُدرك أهمية الهدف الذي أوصله لنقطة اللارجوع!

إضافة الى الإتقان الحرفي في تصوير بُرهات الخوف المُزعزعة للراحة و مونتاج الصوت و الصورة الذي يجعلها تبدو حقيقية جداً , فأن النجم الحقيقي للفلم هو الشخص الذي لا نراه , الرجل المُختبئ خلف الكاميرا , المُخرج الذي يحاول أن يشترك في لحظات الصمت برفع صوته قليلاً و في لحظات الصراخ بتعزيز صورة تنقل لك حالة الأسى الدائرة حتى مكان جلوسك .


0 التعليقات :

إرسال تعليق

Flag Counter